البنك العاطفي لدى المرأة
في الجزء الأول من المقالة تحدثنا عن شبكة الأمان لدى الرجل والتي على المرأة أن تمارسها في تفاصيل العلاقة الزوجية حتى تغذي البنك العاطفي لدى الرجل باستمرار لكي لا تصل معه الى مرحلة الإفلاس. وشبكة الأمان العاطفي - كما حددناها في الجزء الأول - هي مجموعة من الممارسات التفصيلية الأساسية التي يجب أن ينتبه لها الشريكان ويقومان بتنفيذها كي لا تصل العلاقة إلى مرحلة الإفلاس العاطفي.
في هذا الجزء سنتحدث عن التفاصيل والممارسات التي تتشكل منها شبكة الأمان لدى المرأة والتي على الرجل إدراكها وممارستها ليدعم رصيده العاطفي ويغذيه باستمرار.
شبكة الأمان عند المرأة
الإستقرار الماليالإستقرار المالي هو أحد أهم الأمور التي تشكّل أماناً للمرأة والعائلة. ما نواجهه اليوم هو أن الكثير من النساء يعملن جنبا إلى جنب مع الرجل حيث تكون المرأة جزءا أساسيا من الإستقرار المالي للعائلة وتبدأ المشكلة عندما يتراخى الرجل ويهمل في مسؤولياته المالية والتزاماته ويتخلى تدريجيا عنها، فهو بذلك يهزّ عنصرا هاما من عناصر الأمان لدى المرأة، وطالما أن الرجل يقوم بالمشاركة في إدارة القرارات المالية وتحمّل مسؤولياته فهذا يبقي الشعور لدى المرأة بالأمان والإستقرار. يحضرني مثالا سريعا على ذلك أن زوجة كانت تتحمل جميع المسؤوليات والقرارات المالية والمنزلية ثم بعد فترة اكتشفت أن زوجها يقامر في معاشه المحدود ويحمل نفسه ديونا كبيرة... وبما انها تحبه فكانت تقوم بواجبات زوجها حتى وصلت إلى فقدان الامان والإستقرار وإفلاس البنك العاطفي ثم دخلت معه في خلافات حادة أوصلتهما إلى الطلاق.
الإنتماء العاطفي
الشعور العميق من المرأة بأنها تنتمي إلى هذا الشريك يأتي من قدرة الرجل على استيعاب وفهم الحاجات العاطفية لدى المراة ، مثلا عندما يكون لدى المرأة شوق كبير إلى الرجل قد لا تعبّر بشكل مباشر عن شوقها وتفتعل إشكالا يكون في ظاهره فقط مشكلة، أما في الباطن فحب واشتياق ... قليل من الرجال من يدرك ذلك ويعطي هذه اللحظات النوعية المزيد من العاطفة، وكثير منهم يظن أن المرأة لا يعجبها شيء وتحب افتعال المشاكل .
رسم الحدود للعلاقات الإجتماعية يعمق الإنتماء العاطفي أيضا، ونقصد هنا أن تكون حدود البيت واضحة جدا بالعلاقة مع الرفاق والأصدقاء والأقرباء. على سبيل المثال: في اي قرار يرتبط بالعلاقات الإجتماعية (ولنفترض إقامة نزهة مشتركة) يجب أن ينطلق القرار من أولوية الشريك وحاجاته وليس من تأثير الأصدقاء او الأقرباء، وهذا من التفاصيل الخاطئة والشائعة جدا في ممارسات الرجل، وتكرارها يؤدي حتما إلى تهديد جزء من الأمان العاطفي لدى المرأة.
وهنا لا بد من التعليق على المشكلة التي تنشأ بين المرأة \ الزوجة وبين أهل الزوج وتحديدا والدته (علاقة الكنة والحماة). المنزل بالنسبة للمرأة هو قلعة محصنة فيها تدير كل تفاصيلها وأي شريك لها غير زوجها في ذلك مرفوض رفضا تاما ، والإرتباط العاطفي والزوجي للرجل يفصله تلقائيا عن المرأة الأولى في حياته ، أي امه، وهنا يواجه الرجل عدة عقبات قاسية، اهمها: شعوره بالذنب تجاه امه، ويسعى الى التعويض عنه من خلال التاكيد للأم ان شيئا لم يتغير وانه ما زال كما هو، وهذا يصطدم مباشرة برغبة الزوجة بالإستقلالية في منزلها وعزل كل من ليس منها الى الخارج (ولا نقصد هنا السعي الإلغائي الذي يقوم به بعض النساء). وهنا على الرجل أن يدرك الحدود التي ترسم إطارا واضحاً للمنزل ولزوجته من جهة ولعلاقته بأمه من جهة اخرى .