.".
وَرقةٌ قَصِيرة .. بِها من الخُيوطِ الطَويلة :
طَرقتُ بابَ الصيفِ كَثِيراً وَ مَكثتُ على كُرسِي الشِتاءِ وَ نظرتُ إلى الرَبيعِ من الجِهةِ الأُخرى , أنا سَيِّدُ المُعاناة / أُشبِّهُنِي بِالفاصلةِ التِي تُغني من فَوقِ سُطورِ النَار , مُغتالٌ بِاسمِ الذُبول , زَرعُونِي كَوردةٍ مَقتولةٍ فِي تُربةٍ نَائِية , وَ شُبِّعتُ بالغُبارِ حتَّى كَرِهْتُ رائحتهُ وَ مِنَ الأشياءِ التِي أمقتُ مُلاحقتها تِلكَ الأوراقُ عَلى عَتبةِ بَابِ مَنزلي , هُنا يَبدأُ فَصلِي الشَاحبُ إلى لَونِ السُمرةِ وَ لكِي أدخُلَ إلى الشِتاء , أستمرُ فِي الركضِ خلفَ الغُيومِ التِي تَزُورُ ذِكرياتِي السَاكنة فِي الصَدر , لِتستيقِظَ الذِكرياتُ المَصلُوبة فِي قُدسيَّةٍ آلتْ إلى اشعَالِ مَا بِالأوداجِ من انسِيابٍ وَ غَرقْ , إنِّي أبدُو كَالحَائطِ الذِي لَمْ يَعُد يَستوعِبُ ألوانهُ الغَاضِبة ! / مَا أنْ استقرَّ فِي القلب هَاجَ فِي حَضرةِ الجَفاف , وَ أيُّ قِيمةٍ تَتوغلُ فِي أناملِي .. مَا أنْ سَقطتْ على الوَرقِ دخلتُ كَإيقاعٍ غَاضِب , لنْ أُغنِّي مع صَفِيرِ الريَاح , سأرتدِي مِعطفِي وَ أُخفِي زَنابقَ أكتافِي , لِي فِي إحداهَا نَايٌ وَ امرأة , وَ بِالأخصِّ حَنينٌ إلى حَيٍ يَقطنُ خَلفَ ذِكراي العَتِيدة , مَا أنْ أُفتِّشَ عن مُحتوى العُمر تَموتُ أزهارَ الفُلِّ شَرقاً ! وَ مِنَ الغَربِ مِساحةً تَكتفِي لرَشِّ الملحِ وَ الأحاجِي العَابِرة , حتَّى المُوسيقى أمَامَ الليلِ تَضُجُّ من أوَّلِ الغُروبِ لآخرِ الضُحى .. هَذا أنا المَاءُ فِي غَيرِ مَوعدهِ يَتأخرُ فِي فَصلٍ أثبتهُ التاريخُ جَفافاً لا مَفرَّ مِنهُ ,أيُّها العندليبُ أطرب بَساتِينَ شَغفِي لعلَّ السَنابلُ تَصحُو أمامَ أكوامِ الوَجع , أينَ زَهرُ الأوركِيد ؟ أمَا خَرجتْ من فَمِ الأرض ؟ كنتُ أعبثُ بها لأزرعها فِي ثَغرِ سَيّدتِي , لأُداعِبَ حَكايا قَلبِهَا , لِأكُونَ المَنفى إلى حممِ شَوقهَا , أيَّتها السَماء أرجوكِ أُهطلِي مَطراً عَلى أعشاشِ العَصافِير .. لِتحلِّقْ خَلفَ ضَوءِ الشَمس , وَ حِينَ الليل أُشعلُ حَطباً لأتركَ النارَ تُغنِّي وَ تُقِيمَ عَاصمةً لوصلِ الأمانِي وَ فوضيّة العُود , أُتركُونِي أكتُب حَولَ عِباراتِ آبريل , فهَذا الخَواء أصبحَ يَجيءُ مُبكراً , أُتركُوني لغاباتِ الأوركيد وَ لهيبةِ المَاضِي , إنَّ ما بِصوتِي لَعالمٌ من الخُذلان , فأنا الفصلُ الفَقيرُ إلى المَاء , إنَّ الأشياءَ تَكبرُ فِي دَاخلِي وَ الأحلامُ تَتلاشى وَ تَنهارُ أوراقِي , كأنَّ لعنةً ما أصابتني , فكلَّ حُزنٍ يَثقبُ قلبِي لأكتبَ نَثراً من يَاسمينٍ مَيّت ! / إنِّي أُفصِّلُ لحظاتِي وَ أُوزّعُهَا عَلى نِيرانِ الحَطب , لأُشعلَ الكَستناء وَ تَحترقَ بَاطِنُها وَ أكتبُها تَاريخاً لهذا اليَوم , عَبرَ أناملِي الطَويلة جِدالُ عَصافِيرٍ عَلى فُتاتِ خُبزٍ وَ مَا حَوى , وَ الرسالةُ الجَميلةُ تَرقبُ حَمامةً تَائِهة , حِينَ أكتُب ليسَ بِالضَرورةِ أنْ أنعتَنِي بِرائحةِ النِسيان , سأبتسم لأنَّ أشجَاري العَارية .. تُهدي لرئتِي هَيئةً مِنَ الشَاي وَ القُرنفُل !
أنَا عَائدٌ إليك
أنَا عَائدٌ إليك
|