الشمعة لا تنحني..وان انحنت انطفأت - منتـدى أكاديميـة تباريـــح الضــاد
"بكم يزداد هذا الموقع نورًا وجمالًا، فأنتم كالشمعة التي تضيء الدروب، والأخلاق الفاضلة التي تزين النفوس. إننا فخورون بكم وبانتمائكم إلينا، وواثقون من أنكم ستكونون دائمًا خير سفراء لهذا الموقع" مرحــبا بكم مليون



منقـــول كــل أصــــــــناف الأدب خواطر نثرية - قصائد نثر - رسائل - مقالات - أشعار وقصص .. الخ .. مما راق لكم واعجبكم أثرونا وأمتعونا به

الإهداءات

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 2018-06-21, 03:31 AM
غربة مشاعر غير متواجد حالياً
Libya     Female
لوني المفضل Azure
 رقم العضوية : 8
 تاريخ التسجيل : 2018-05-19
 فترة الأقامة : 2369 يوم
 أخر زيارة : 2018-10-20 (07:15 AM)
 الإقامة : طرابلس
 المشاركات : 1,115 [ + ]
 التقييم : 12749
 معدل التقييم : غربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond reputeغربة مشاعر has a reputation beyond repute
بيانات اضافيه [ + ]
شكراً: 0
تم شكره 25 مرة في 8 مشاركة
الشمعة لا تنحني..وان انحنت انطفأت














فاجأني بعينين ضاحكتين، اعترض طريقي
ووقفَ قبالتي صامتاً لبرهةٍ، وقد علتْ وجهه
ابتسامة حقيقية، ماداً ذراعيه في لهفة ليحضنني
ويضمني الى صدره أو ليصافحني بكلتيهما،
لا استطيع ان احدد بالضبط ماذا ينوي، وقد سعد
كثيراً بلقياي و غمرني بحفاوته البالغة، منتظراً مني
التعرف عليه بنفس السرعة التي تعرّف بها عليّ
والارتماء في أحضانه مباشرة ومبادلته البهجة
الطارئة التي خلقها الموقف.

في حقيقة الحال وبكل أسف لم اتمكن من التعرّف
عليه و مبادلته الشعور بالود الذي ينتظره مني، بل
ارتبتُ في الأمر وانا انظر متفحصا بدقة وجهه
وملامحه علني أعثر فيها على بقايا ملمح قديم منه،
أو علامة تهديني الى هويته التي قد تكون غائبة
عني الآن، وأنا أجهد ذاكرتي وأتساءلُ اين تراني
التقيتُ به في السابق؟، لا جواب ولا شيء يسعفني
في هذه البرهة الملحة الحرجة، وهو يواصل ترحابه
بي في فرح متناه ويتزايد مع اللحظات التي تعبر ثقيلة
عليّ، من شدة فرحه بلقياي وكأنه عثر على كنوز الدنيا
مجتمعة الآن، ويكرر دون توقف سؤاله عن صحتي
وبقية أحوالي بكل فصاحة واهتمام و يذكرني باسمي
وكأنه يعرفني جيداً:

– استاذ عبدالله ما أسعدني في هذا اليوم بلقائك!
وما أجمل هذه الفرصة السارة التي جمعتني بك بعد
هذه القطيعة الطويلة التي فصلتنا عن بعض منذ
افتراقنا! رغم ان طيفك يراودني من وقت لآخر.

مما ضاعف من حرجي معه وأنا استمع اليه وجعلني
استخف بذاكرتي البليدة التي تخذلني الآن وانا أحوج
ما أكون اليها، اذ رفضتْ بكل وهن الاعتراف بشخص
يحتفي بملاقاتي صدفة ويمنحني من الإكبار و الاجلال
اكثر مما اتوقع، ويرفع من شأني بدون تثبت!.

في البداية ظننتُ انه مخطئ ولم يحسن التعرف على
صاحبه الذي يعتقد واهماً أنه أنا، وأنه عما قريب سوف
ينتبه لتسرّعه وخطئه ويقدّم اعتذاره لي بكل وجل وينصرف
لحال سبيله، وعندما واصل ترحابه وابتهاجه بي و بنفس قوة
الحميمية واندفاع الدهشة التي بدأ بها، وذكر اسمي كاملاً
هذه المرة ليؤكد لي ان اللوم على ذاكرتي أنا وليس عليه
هو ازدادت حيرتي، ومع ذلك لازلت في شك من أمري،
حتى أنني أسأتُ به الظن، لربما يكون نصّابا من اولئك
الشباب الجدد الذين لفظتهم المدارس ولم يتحصلوا على نصيب
من التعليم يجعل منهم اناساً أسوياء وعلى ثقة بالحياة،
وأصبحوا بارعين في الخداع ويعتاشون منه و يملؤون
شوارع المدينة، بحثا عن ضحايا يخادعونها او يبتزونها
للحصول على بعض المال، يكون قد التقط اسمي صدفة
واتخذ منه ذريعة لاختراقي والوصول اليّ للنيل مني، وهو
الآن يطبّق تمثيليته عليّ بحرفية متوخياً النجاح، وشئت
ان اختبر صدقه معي وشفافية هذه المودة و الحرارة التي
يبديها لي بلا حدود ويغمرني بها وكأنني وزيرٌ
او محافظُ المدينة قاطبة.

وبينما هو لا يزال يسدي لي مديحه العالي بلا توقف كنتُ
انا ازوغ بنظري لحظة هنا وأخرى هناك متهرباً مرتبكاً
حائراً في أمري امام هذا الموقف الذي لا احسد عليه،
حتى غيّرَ بنفسه مجرى حديثه عندما بادرني قائلاً:

– على ما يبدو انك لم تتعرف عليّ بعد يا استاذ عبدالله؟

وعندما لم اجبه بالسرعة المطلوبة تأكد من صحة شكوكه،
و أيقن فعلاً أنني لم اتمكن من التعرّف عليه وهذا الشيء
لم يعجبه بطبيعة الحال، أصابه الاحباط وتغير لون وجهه
على الفور من أثر الخيبة وتدافعتْ الدماء اليه حتى اسوّد،
وقال وهو غير راضٍ عما حدث أنا القيلوشي! أحد تلاميذك
بمدرسة… في العام الدراسي… ما كنت اعتقد في يوم انك
ستنساني بهذه السرعة، أو حتى تجد مشقة في التعرف عليّ
الى هذا الحد، انت الذي كنت تحبنا حباً جماً يفوق الوصف
أو هكذا نظن، وكنت ترعانا كأبنائك تماماً وتغمرنا بعطفك
دون حدود، سواسية بلا فروق، وتبذل الجهد الكثير في
سبيل تهذيبنا وتعليمنا، و لازلنا نعيش على نصائحك
القيّمة وارشاداتك النبيلة التي تبديها على الدوام ولازالت
لم تغادر أذهاننا و لا حتى آذاننا، ولا نتحصل عليها من
احد سواك منذ تلك الأيام، وهي ذاتها التي اكتسبنا
منها السداد والسؤدد و وهبتنا طمأنينة الأخذ وجرأة
العطاء، وخلقتْ منا رجالاً فاعلين في مجتمعنا.

وبينما هو يسرد مآثري الجمة وأفعالي الحميدة بمبالغة
ظننتُ معها أنه يتحدث عن انسان آخر وما كنتُ
أعرف هذا عن نفسي، انصرفتُ محاولاً تذكّره وانا على
يأسٍ من ذلك، لأن عدد التلاميذ الذين درستهم طيلة عملي
بالتدريس قد بلغ الآلاف اليوم، وقد كبروا جميعاً وتغيرتْ
ملامحهم وتبدلت سحناتهم، ولن اتمكن من استعادة وجوههم
الفتية القديمة تلك -التي تراكمت- و لا اتذكر أي منهم الآن،
وقد تكرر معي هذا الموقف المخجل في مرات عديدة سابقة،
وكنت اوفق في اغلبها وأتمكن من معرفة تلميذي، و أجد انه
من العسير عليّ تذكر وجه تلميذ واسمه معاً، فأحياناً نتعرف
على الوجه فقط لكن اكون قد نسيت الاسم، و احياناً اخرى
نتعرّف على الاسم والوجه معاً أو اتذكر الاسم وتغيب
الملامح، ولكن في اغلب الأحيان التلميذ لا ينسى معلمه
بينما المعلم قد ينسى تلميذه.



الكاتب الليبي عبدالله الماي









آخر تعديل غربة مشاعر يوم 2018-06-21 في 04:13 AM.
رد مع اقتباس
4 أعضاء قالوا شكراً لـ غربة مشاعر على المشاركة المفيدة:
 (2018-06-21),  (2018-06-22),  (2018-06-21),  (2018-06-22)
 

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(عرض الكل الاعضاء الذين شاهدو هذا الموضوع: 9
, , , , , , , ,
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:32 AM


 »:: تطويرالكثيري نت :: إستضافة :: تصميم :: دعم فني ::»

Powered by vBulletin® Version 3.8.8
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
new notificatio by 9adq_ala7sas
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education
User Alert System provided by Advanced User Tagging v3.1.0 (Lite) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.
vEhdaa 1.1 by NLP ©2009