وما سيكون من أحداث هي من واقع وليست من نسج خيال.
ولستُ أدري الى أن سيأخذني القلم وكم ستكون عدد الحلقات الآتية، ولا أريد الإطالة عليكم هنا
فالعذر منكم والسموحة مقدماً
وبسم الله نبدأ
فـسيدة القصر بطلة قصتنا ، فقد كانت قبل هذا من كبار خدم قصر آخرٍ
ولطالما كانت تطلعاتها وأكبر أمانيها بأن يكون عندها قصرٌ مثله أو أفضل منه.
ومن هنا بدأت قصة هذه السيدة والتي كانت خادمة بالأصل لقصورٍ أخرى
حتى تسنى لها الإيقاع بأحدهم ، أو يشاء لها القدر بأن يقوم أحدهم باِهدائها قصراً أكثر فخامةً من القصر
الذي تعمل به ، وقد تم تجهيزه وتهيأته على حُطام القصر الذي تعمل به وبمساعدةٍ من طاقم الخدم هناك.
حيث استطاعت بدهائها أن تغريهم بناعم كلامها وعذبه ، والذي كان بكلِّ ثناياه مملوءٌ بالغيرةِ
حدَّ الخبث والحقد والسوء . وبين ليلةٍ وضحاها صارت هذه الخادمة سيدة قصرٍ مطلقة
تأمربما تريدهلكلّ مَن حولها .
فـ وأول ما قامت به حين انتقلت لقصرها الجديد هو اختيار وتعيين الطاقم الذي سيدير معها ولها هذا القصر
من المواليين لها والواثقين بها تلك الثقة العمياء ، التي أعمت بصائرهم بلذيذ وشجن حديثها معهم
وهم المؤيدين لها تأييداً مطلقاً بكلّ ما تقوله وتفعله وتقرره .
وقد تمتعت بدهاءٍ وذكاءٍ حيثُ استطاعت اختيار مثلثٌ اداري حَوَتْ به كافة الأطياف والملل
حيث كان اختيارها أولاً هو الأقرب الى خبثها ولعنة تفكيرها فكان أول اختيار هو :
الحاخام عوفرا، إذ عينته المسؤول الأول والمباشر، وذا الصلاحية المطلقة في التصرف في كلِّ أمور القصر
من بعدها والذي أعدته على ان يكون الممثل المباشر لها ونيابةً عنها سواء تواجدت معه في القرار أم لا .
وكلمحةٍ مصغرةٍ عن هذا الحاخام
والذي صدم الجميع فيما بعد ، بتقلباته وتلاعبه وخبثه اللعين بحسب ما تقتضيه مصلحته الشخصية أولاً
فهو الأقرب صلةً من الخُبث والدسائس كـ مثل سيدته وربما أكثر منها خبثاً ولعنة
فبرغم يهوديةِ أفكاره ونفسه إلاّ أنه أكبر مُستشهدٍ كان بالاحاديث النبوية من جهة
ومن جهةٍ أخرى بالآيات القرآنية ، حتى تكاد تحسبهُ من اولياء الصالحين
ثم يأتي اختيارها الثاني للقس يوحنا وهو الرجل المسؤول أمامها وأمام الحاخام عوفرا
وهذا القس من النوع الصائغ لهما كما يريدونه ، ويحركوه بحسب ما يريدون
فكلّ ما كان عليه فعله إما طاطاة الرأس أو هزّهِ بالموافقة على ما يقررون
ومن ثم كان اختيارها"" والذي ربما ندمت على اختياره فيما بعد ""
وهو الذي كان الأقدر على مواجهتها ومواجهة حاخامها وقسّها فكانوا يهابون
من وضع أيِّ قرارٍ خوفاً من أن ينتقدهم ، ولطالما اِتخذوا قراراتهم بعيداً عنه وغيبوه عن كل ما يجري بينهم
وكان الأكثر بمدِّ يدِ العون لكلِّ مَن في القصر ، والكل هناك قد شهدَ له بذلك
وبعطائه وتفانيه في العمل داخل القصر كان أو خارجه،قكانا لأقدر إن استطاع إيقافهم عما هم به ماضون
وقد تم اطلاق الكثير من الألقاب على هذا الرجل من قِبل كل حاشية القصر ومَن فيه ، فقد كان معروفٌ
بمواقفه الثابتة والتي لا تتغير بعكس ذاك الحاخام والقس وسيدتهما .
وكثيراً ما كانت سيدة القصر هذه تلجأ اليه حين تكون في حيرة من أمرها
ولا تعرف كيف تتصرف في الأمور وترى أن الحاخام والقس غير قادرين على معالجة الأمور
فكانت تلجأ اليه طالبةً منه أن يتدخل ويعالج الأمر بحنكته وخبرته وحكمته
حتى طلبت منه الموافقة حتى تكون له كاِبنة وأن تناديه بـ " أبي أو أبتِ "
كذلك كان الحاخام عوفرا يلجأ اليه بأسلوبه الخبيث ويصور له على أنه قدوته التي يقتدي به
ولكنه بداخله كان يُكِّنُّ له حقداً وكرهاً كبيرين ، على الرغم من لجوئه اليه
لمعالجة أخطائه وهفواته والتي كانت مستمرةٌ وكثيرة .
بهكذا مثلث أنشاته اكتملت عندها كل زواياه الحادة ، مشكلةً بذلك
قلب هذا المثلث ونبضه ومحركته
وعينت كذلك بقية الكادر الخدمي الآخرين ، والذين يأتمرون بأوامرها أو أوامر الحاخام عوفرا
وهم الكادر الذين استطاعت بدهائها وخبثها سحبهم من القصر القديم التي كانت تعمل به
والذي كانت هي كبيرتهم في ذلك القصر ، واستطاعت ترويضهم جميعاً لأوامرها ولما تريده بأسلوبها الناعم الخبيث .
وكل اؤلئك الكادر صدقوها وهتقوا لها وللحاخام عوفرا والقس يوحنا
ودون أدنى تفكيرٍ منهم أو رجوعٍ للأمور لثقتهم التامة والعمياء بهم .
وهناك شخصيات أخرى ستظهر لنا في اُفق القصة واحداثها ، وسنتعرض لها
حين تظهر في الحدث ونتعرف عليها في حينها من خلال ما سيأتي من أحداث .
كان هذا تقديماً موجزاً مختصراً عن ماهية القصة وأحداثها ، وأتمنى أن لا أكون قد أطلتُ عليكم في مقدمتي هذه
جلست في ركنها سيدة القصر - وهي التي ابتاعت القصر من صاحبه السابق –
مذهولةٌ بما تراه وتشعره وبما يُحاك ضدها وضد قصرها ،فكلّ ذنبها كان أنها المالكة الجديدة للقصر
والذي اشترته من صاحبه السابق فلم يعجبها طاقم القصر الاداري والخدمي
فهي سيدة تتمتع بقوة شخصيتها واستطاعتها على مواجهة الأمور ، ومن هنا ابتدأ خبثهم لها وعليها ليهجروها وقصرها
آخذين معهم كل ما سيلزمهم في القصر الجديد بما في ذلك كل الكادر العامل في القصر
وصوروا لكل العاملين أن سيدة القصر الجديدة هذه ظلمتهم وأودت بكل ما عملوه وبنوه في القصر على مرِّ سنوات
- مع العلم بأنها بعد لم تُحرك ساكناً ولم تتخذ أو تُعلن أي قرار يُثير حفائظهم -
وعلى الرغم من علمها واحساسها بمدى خُبث كادر ادارة القصر لا سيما الكبار منهم.
وأخيراً جلست وحيدة بقصرها والذي صار خاوياً من أي صوتٍ أو همس
بعدما أطلقوا زغاريدهم اعلاناً عن رحيلهم للقصر الجديد ، وتعالت الهتافات وتعالت زغايد الجميع هناك
راحلين وهاتفين بسعادةٍ عن هذا الانتقال الذي أحبوه وراق لهم .
..
المكان { القصر الجديد } / باحة القصر الجديد
وصل الجميع باحة القصر الجديد
ولا زالوا يرقصون ويغنون ويهتفون باسم سيدتهم الجديدة – والتي هي كانت كبيرة الخدم هناك –
وقفت على بوابة القصر هاتفةً لهم بأن يصغوا اليها جيداً
وكان نمط حديثها كالمعتاد ذاك الكلام الناعم الهادئ والذي تحسبه لوهلةٍ أنه حباً
فقالت / أحبتي ، ها نحن اليوم هنا ،وهذا القصر هو قصركم قبل أن يكون قصري وملكي
فأنتم المالكون الحقيقيون له ، ومن هنا أحبتي أود أولاً
أن أشكركم من قلبي على هذه الحفاوة وهذا الكرم منكم
والآن أيها الأحبة يوجد لدينا الكثير من العمل داخل القصر ، فهلموا بنا
ولنكن يداً واحدةً في ترتيب مكاننا الذي سنقيم فيه كعائلةٍ واحدة.
فهتف الجميع بصوتٍ واحدٍ // لبيكِ لبيكِ
ودخلوا جميعاً الى القصر
المكان { القصر الجديد } / داخل القصر
تم توزيع العمل على الجميع ، من قبل الحاخام عوفرا والقس يوحنا
والمظفر – وهو الرجل الثالث الذي اختارته السيدة وأحد زوايا مثلثها–الجميع منشغلون كلٍّ في عمله بدأبٍ وسعادة ، فجلس المظفر في زاويةٍ بعيداً عن جميع العيون
عيونه شاخصةً لسقفِ القصر ، وفكره شاردٌ سارحٌ ودون درايةٍ منه اخذ يُتمتم بينه وبينه ويقول :
كيف ومتى ومن أين!؟ ،اسئلةٌ راودته
من أين للسيدة كل هذا المال لتشتري قصراً فارهاً مترفاً كل هذا الترف
ومتى استطاعت أن تجمع مبلغاً كبيراً كهذا ، ثم من أين ؟! ،من أين يا مظفر من أين !!ياالله أعِنّي
وما أن أكمل كلمته الأخيرة هذه ، إذ بأحدِ الموظفين يُرَبِتُ على كتفه
فالتفت اليه وقال // ما بك ؟ ماذا تريدفرد عليه الموظف // أنا لا أريد ، السيدة تريدك
فقال // حسناً ، اذهب أنت وانا بعد سأصعد اليها
فرَدَّ الموظف قائلاً // لا استطيع ، تريدك الان وحالاً ، وقالت لي حرفياً إإتِ به حالاً ولا تعود الا بالمظفر
فنظر اليه المظفر نظرة كأنه امتعض من اجابته أو أنها لم تَرُقْ له
فقال له // حسناً هيا بنا ، لنرى السيدة ، اتريدك معي كذلك ؟
فقال الموظف //لا أبداً فقط سأوصلك حتى مكتبها ، واعود لعملي
فرد عليه المظفر بابتسامةٍ خفيفة // حسناً ، هيا خذني للسيدةمخفوراً اذن ههههه
وصلا الى مكتب السيدة ، ذهب الموظف الى عمله ، ودخل المظفر
فإذ بها تهرع اليه مسرعة وتحضننه ، كاحتضانِ المُشتاق لحبيبه
والمظفر قد اصابه الذهول لما يجري في هذه اللحظة وعلى غير المتوقع
وبقيت متشبثةً متعلقةً عدة دقائق
.
المكان { مكتب السيدة }
رغم ذهول المظفر الا أنه بداخله كان سعيداً ، ولم يشأ لهذا أن ينتهي
ولكنه ابتعد عنها قليلاً وهي لا تزال يداها تعانق كتفيه
فقال لها : ما بكِ لقد أخفتِني عليك !؟
تركته واستدارت وهي تقول له
تعالَ يا مظفر اجلس ، فجلست هي وأخذ المظفر مكانه قُبالتها على الكرسي الآخر وقال :
نعم سيدتي قولي لي ماذا هناك ؟
فقالت :
ليس هناك ما يدعو للخوف يا مظفر ، فقط كنتُ بحاجةٍ لأن
أحدث أحد حين شعرتُ أني وحيدة وأعيش بوحدةٍ فلم اجد غيرك
حتى اكلمه واحدثه ، فأنت الذي أرتاح له من دون كل الموجودين هنا
تململ المظفر قليلاً وهو جالس بمكانه ، ونظر اليها نظرة لمحت بها
ذاك الحب الذي يكنه لها المظفر ، ولكن المظفر لم يكن مقتنع بكلامها
الذي قالته ، واعاد السؤال عليها ثانية :نعم سيدتي لم تقولي بعد ماذا هناك
من أمر جعلك ترسلي بطلبي على جناح السرعة هذه
بانت عليها ملامح الانزعاج وملامح الاقتضاب وقالت :
( وتمتمت بنفسها يا الهي كيف أقول له اني أحبه )
{ وهنا المظفر لاحظ ذلك في احمرار وجهها ، وكانت تلك لحظة
شعوره الحقيقية بحبها لها، وأنها لا تدري كيف تقول وتُعبر }
يا مظفر أنت تحرجني حين تُناديني بـ سيدتي ، فأنا لستُ سيدتك
فأنت السيد هنا ولك حق الاحترام والتقدير الكبيرين ، وأرجوك واتمنى عليك
ان تلغي من قاموسك كلمة " سيدتي " هذه عندما تخاطبني
هذا شئ ، والشئ الآخر صدقني لم يكن هناك غير الذي قلته لك ، وما دمنا
الآن قد اجتمعنا أود أن أقول لك بأن تكون أنت يميني ومستشاري
في كل صغيرة وكبيرة ، فأنت الذي أرتاح له هنا ، ثم أتمنى عليك أن يبقى
كل ما بيننا هو بيننا هنا ، وأي طارئ فيما أن يكون بيني وبينك هنا
والذي تحتاجه مني فقط قل لي وأنا سالبيه لك حالاً.
المظفر : سيد...... ( تلعثم ماذا يناديها ) ، وهي تبسمت حين قطع الكلمة
وقالت : بابتسامة أكمل سيدي
فقال :
حقاً أنا لا زلت لا ادري بماذا أنادي عليكِ ، فلكِ من الأسماء والألقاب الكثير
ولكن لا بأس سأحاول إيجاد الإسم المناسب
واستطرد يقول :
إن ما قلتِه هو فخرٌ لي وسعادة لنفسي هذه الثقة التي منحتِني اياها
واسأل الله أن أكون على قدر هذه الثقة والمسؤولية
قاطعته قائلة : قبل أن أنسى ، حسناً أكمل أولاً عذراً للمقاطعة .
فقال : لا أبداً لم يعد لدي ما أقوله ، غير أني بأمرك في أي وقت تريديني به
ولن أبخل عليكِ عليكِ بشئ بمشيئة الله
فقالت : بقي شئ واحد في نفسي يا مظفر ، اود أن اطلبه منك
وإن وافقت عليه سأكون جداً سعيدة وفخورة
فقال : اؤمري ، ما الأمر الذي تريديه من المظفر ، فهو حاضرٌ لكِ
قالت : ما يؤمر عليك عدو ولا ظالم ، ما وددت سؤاله لك هو
هل تتقبلني كابنةً لكِ ، وأن أناديكِ بـ أبتِ ؟
هذا كل ما اريده منك الآن ، وسأكون به فخورة
فقال المظفر : وأنا لي شرف إن تكوني ابنتي ،هذا يستوجب علي حمايتك ورعايتك أكثر وأكثر
فكيف لي أن أرفض لكِ طلباً كهذا وأنتِ تعلمين مدى اعتزازي بكِ منذ سنين
فلكِ ما طلبتِ بُنيتي
فقالت : يا الله ما أكرمك يا الهي ، وما أجملك أنت يا أبتِ وقد لبيت لي هذا الطلب
والذي كنت اتمناه منذ زمن ، أشكرك من كل قلبي أيها الغالي
فقال مبتسما والفرحة ظاهرة بعينيه اللتان صارتا لامعتين كأنهما اغرورقتا :
لا تشكريني ، فهذا وأنتِ الآن اصبحتما واجبي – واصبح صوته محشرج وفيه بحة –
اذن هل تأذني لي الآن أن أهب واتابع عملي
فقالت : نعم أبتِ ، فانت لا تحتاج الى اذن مني ، ولكن عليك أن تأتيني دوماً
وكلما احتجت لشئ مني فلا تتردد فبابي لك مفتوحا دائماً
فقال : شكرا غاليتي ، أراكِ على خير
..
المكان { ممرات القصر }
..
خرج المظفر من عند السيدة ، والفرحة تغمر قلبه وكان يمشي في ممرات القصر
وهو يدندن بينه وبين نفسه ، والمارين من جانبه يسمعون دندناته ويشعرون بفرحته
ويبتسمون وكانهم يشاطروه فرحته هذه
ولكن فرحة المظفر هذه كانت مراقبة من الحاخام ، والذي كان يراقبه
من لحظة دخوله الى مكتب السيدة ، وهو يكاد يتفجر غيظاً كي يعرف
ما الذي يجري بين المظفر والسيدة ، ولماذا أقفلا على نفسيهما المكتب
وقد طالت فرتة اجتماعهما سويةً ، ويراقب المظفر ويرى علامات الفرح
على وجهه وفي الطريقة التي يتمشى بها في ممرات القصر ، ظناً منه أن المظفر
بهذا يغيظه أو يتعمد هذه المشية كي يغيظه ، مع العلم أن المظفر في هذه اللحظات
لا يكاد أن يرى أي أحد أمامه او حوله ، فهو سعيدٌ بما جرى بينه وبين السيدة
في هذه اللحظة والتي يراقب الحاخام عوفرا المظفر ، لمحه القس يوحنا
وهز رأسه مستغرباً منه
ولكن الآخر " الحاخام " التفت للقس وأشار له بيده كي يأتي اليه
فذهب القس يوحنا الى مكتب الحاخام
المكان { مكتب الحاخام عوفرا }
دخل يوحنا لمكتب عوفرا وقال :
ما بالك يا عوفرا أراك مشتت الفكر ، وعلامات الانزعاج ظاهرة
جليةٌ على وجهك
عوفرا : يا رجل ألا ترى ما رأيته أنا وأراه ؟
يوحنا: ماذا رأيت وماذا ترى عوفرا ؟ عن ماذا تتكلم افصح ؟
عوفرا: ألم ترى كم من الوقت جلسا سويةً في المكتب وهو مقفلٌ عليهما؟
يوحنا: مَن تقصد عوفرا ؟
عوفرا : يووووه يا يوحنا هذا وكأنك لست هنا معنا في القصر !
يوحنا : قل لي أرجوك ماذا هنالك ؟
عوفرا : أرسلت السيدة طلباً عاجلاً للمظفر ، وذهب اليها وجلسا في مكتبها
أكثر من ساعة
يوحنا : اذن ، وماذا في ذلك ، فليكن !
عوفرا : هل ترى هذا منظرٌ صحي بالنسبة لنا يوحنا ؟
يوحنا : لا أدري ماذا تقصد
عوفرا : يا رجل ابقى وركز معي قليلاً ، فلو صار ما أنا متوقعه فستكون كارثة على كلينا
يوحنا : وما الذي سيصير عوفرا ؟
عوفرا : اذا تولى أمور القصر المظفر ، فقل علينا نحن الاثنين السلام
ولن تطول اقامتنا هنا ، وهذا أنا ما لا أريده أن يحصل
يوحنا : آه يا الله ، نعم صحيح عوفرا ، أنا لم افكر في هذا
عوفرا : اذن آن الأوان أن تفكر يوحنا وتركز وتَفِق من نومك ، كفاك نوماً !
في هذه الأثناء ، حصلت هنالك مشكلةٌ بين موظفيْن من القصر ، فهناك شكوى
من عدة موظفات اشتكيْن على موظف يزعجهن دائماً بتمتماته وهمساته
وهذا ما لا تسمح به السيدة في القصر بتاتاً وتعبره خطاً أحمراً
أتى احد الموظفين لمكتب عوفرا وقال له عما حصل من شكوى
وعند هذه الشكوى وكأن عوفرا وجدها مناسبة كي يُسلط على نفسه الأضواء
ويُبعدها عن المُظفر ، فذهب مسرعاً لمكتب السيدة كي يُناقش معها الأمر
وأصطحب معه القس يوحنا كونه كان متواجداً معه في مكتبه
..
دخلا مكتب السيدة ، أديا التحية عليها ، رحبت بهما وقالت
اهلاً وسهلاً تفضلا ، ما الأمر ، هل هناك شئ ؟
فرّدَّ عوفرا : نعم سيدتي هناك أمر خطير
السيدة : خطير !! ، ماذا هنالك يا عوفرا
يوحنا : ليس بالخطير جدا سيدتي ، سنعالجه ان شاءالله
السيدة : تكلما ، لقد ارعبتماني
عوفرا : ألم تصلك شكوى السيدات بحق ذلك الموظف
السيدة : تنفست الصعداء ، وقالت :
بلى وصلتني ، هل هذا هو الأمر الذي أتى بكما اليّْ لترعباني
عوفرا : عذراً لم نقصد سيدتي ، لكننا كما تعلمين نخاف على القصر وصاحبته
وكل الموجودين فيه ، ونهتم لأمر الجميع
يوحنا : أجل سيدتي ، هذا هو هدفنا ، ويبقى الأمر في النهاية لكِ أنتِ
السيدة : على كل حال ، بارككما الله وشكراً لكما لهذا الاهتمام الذي يسعدني
ولكن الحمدلله أن الله منَّ علينا برجلٍ يستطيع اِنهاء أي مشكلة قبل أن تصلني
فقد وصلتني الشكوى وهي منتهية من كل جوانبها
- نظرا لبعضهما عوفرا ويوحنا - وبصوت واحدٍ قالا : مَن هو هذا الرجل ؟
السيدة : ما بالكما أنه عقلنا الرشيد المظفر ، فقد أنهى المشكلة كلها
وتم تصالح كل الأطراف مع بعضها البعض ، ولم يَعُد هناك أي مشكلة.
باِمكانكما الذهاب لمكاتبكما ومتابعة أعمالكما ، شكراً لكم يا سادة
وقبل أن تذهبا أريد منكما أن تعلما وتعرفا بأنه عليكما
الجوع للمظفر في أي مشكلة تحصل في القصر بل التصرف بها بأيِّ شئ
وهذا أمرٌ مني
عوفرا ويوحنا وعلامات الذهول بانت عليهما :
حسناً سيدتي كما تأمرين وتشائين ، نستأذنك الآن سيدتي
خرجا من مكتب السيدة وكلٍّ منهما لا يدري ماذا يقول ، وكلاً منهما
ينظر للآخر بدهشة وذهول وصمت
فهمس عوفرا لـ يوحنا بابتسامةٍ ساخرةٍ : اِذن هيا بنا الى مكتب مظفرنا !
وذهبا متجهيْن الى مكتب المظفر
عرفنا سابقاً بأن عوفرا هو الرأس المُدبر لنشر الضغائن والأحقاد
لا سيما تلك التي تخص وتصُب ضد المظفر
ويوحنا ما عليه سوى التوقيع والبصم على ما يعرضه عليه عوفرا
ودونما أي تفكير منه
وصلا الى باب مكتب المظفر ، ونظرا ليعضهما البعض ، فقال يوحنا لـ عوفرا :
أرِح ملامح وجهك يا رجل ، فهو ظاهرٌ عليه العبوس
فردَّ عليه عوفار بابتسامته الخبيثة :
أنظرتَ لوجهي ولم ترَ عبوس وجهك المُقتَضِب ؟ عدّل وجهك هيا
ودخلا الى مكتب المظفر بابتساماتهم الخبيثة ...
المكان { مكتب المظفر }
ألقيا التحية على غير عادتهما بإلقاء التحية ، بمزيدٍ ومبالغة
من التهليل والمدح والاطراء - وهذا هو الأسلوب الذي سيوصلهما لأهدافهما الخبيثة -
وقف المظفر وقال : اهلاً بكما ، أهلاً عوفرا ، أهلاً يوحنا ، كيف حالكما .
فرد عوفرا : نحن بخيرٍ يا مُظفرنا طالما أنت معنا وحامينا
وقال يوحنا : نعم والله أنت حامينا ومنقذنا أيضاً
بنظرة استغراب قال المظفر : ما كل هذا الاطراء ، وما كل هذا المديح
ما الذي حصل ، والذي أنا حميتكما وأنقذتكما منه ؟!
عوفرا : يعجبني تواضعك ، وجميل ما تصنع من خير دوماً وبصمت
يوحنا : صحيح ما قال عوفرا ، فما تصنعه هنا دون أن تتكلم أو تتحدث عنه
فهو محل اعتزاز وتقدير منا لشخصك وفكرك وطيب قلبك
المظفر : على كل الأحوال ، أنا أشكر لكما هذه الشهادة بحقي ، واتمنى أن أكون أني أستحقها
وأكون عند حُسن ظنكما وظن الجميع بي هنا
عوفرا : أرجوا من المظفر أيضاً أن يعذرنا ويُسامحنا لما فعلناه قبل قليل
المظفر : وماذا فعلتما لأسامح وأعذُرْ !
عوفرا : بشأن المشكلة التي حصلت من قبل ساعةٍ من الزمن
المظفر : لقد تمَّ الأمر ، وانتهت المشكلة ، ولم يعُد هناك ما يسمى مشكلة
كانت فقط هي سوء تفاهم واختلافات بوجهات النظر
عوفرا : نعم ندري أنها انتهت ، لكن طلبنا للمسامحة لأننا ( أنا ويوحنا )
من لحظة سمعنا عن المشكلة ذهبنا مهرولين الى السيدة لإخبارها بها
ولم نُفكر بأن نأتيك أولاً ونقول لك عن المشكلة
فوجدناك قد حللتها بصمت كعادتك مظفرنا المحترم
يوحنا : أرجوا بل نرجو العُذر منك لما اقترفناه من خطأ بحقك بهذا التصرف
المظفر : يا اصدقائي ، أولاً أنا وكما تعرفون لا أُحبِّذْ كلمات الإطراء والمديح كثيراً
ثم أن هذا الأمر لم يستوجب منكما أن تطلبا المسامحة عليه فقط لأننا هنا
نعمل بروح الفريق الواحد ويداً واحدةً ، والأهم أن أمور هذا القصر
أن تبقى تسير بوجهتها الصحيحة وبعيداً عن أيِّ مشاكل
وعلينا أن نُبعد السيدة أيضاً عن أيِّ مشكلةٍ ونحاول حلّها دون أن نزعجها
بمشاكلٍ كهذه ، لتتفرغ هي لعملها الذي تقوم به بصفاء ذهن وفكر
يوحنا وعوفرا معا : الله الله عليك يا مظفر
المظفر مبتسماً : لا زلت اتحدث عن كلمات الإطراء
وأنتما لا زلتما مصرّان عليهما ، تُطريان وتمتدحان
عوفرا : أنت تستحق أيها المظفر المبجل ، وما قلته هو عين العقل والرأي السديد
وأنا كما قلت سابقاً وأمام الجميع أني فوضتك عن نفسي
بأن تقوم بما تراه مناسباً إن وجدت بعملي أي اعوجاج
ونحن معك إن شاء الله سائرون
المظفر : اذن اتفقنا ، وان شاء الله دوماً متفقين ، فلنعد الى اعمالنا يا أصدقاء .
فذهب كلٍ منهم الى حيث عمله يتطلب منه التواجد فيه .
(( في هذه الأثناء السيدة منشغلة بالحديث والإتفاق مع صديقةٍ لها
من ذوات الخبرة بأعمال القصور وتنظيمها وترتيبها
فقد أرادت السيدة من صديقتها أن تأتي وتعمل معها على إعادة هيكلة وترتيب
القصر بحسب خبرتها في هذا المجال فعرضت عليها بأن تنضم اليها في القصر
ولها مُطلق الحرية والصلاحيات بأن تُرتب ما تراه مناسباً في كل أنحاء القصر
دون أن يتدخل أي أحد في عملها وما تقوم به
وهذا أيضاً كان شرطاً أساسياً لصديقة السيدة ، أن تعمل بمطلق الحرية
وعدم التدخل من أي أحد مهما كانت صفته في القصر
وعلى هذا تم الاتفاق بينهن ، على أن تأتي صديقة السيدة
وتباشر عملها في اليوم التالي )) السيدة قامت بهذا الإتفاق والذي صار قراراً دون علم أي أحدٍ من ثالوث ادارة قصرها
...
المكان { مكتب السيدة }
..
حضرت صديقة السيدة في صبيحة اليوم التالي واستقبلتها السيدة استقبالاً حاراً
وجلستا ووضعتا النقاط على الحروف باتفاقهن الذي أبرمنهُ بالأمس طلبت الصديقة من السيدة :
عليك الآن غاليتي أن تقدميني وتُعرِّفيني على طاقم ادارة قصرك الجميل هذا
فقالت السيدة : طبعاً عزيزتي سيتم ذلك وفي الحال
- أرسلت السيدة بطلب المظفر وعوفرا ويوحنا ليأتوا الى مكتبها في الحال –
حضر ثلاثتهم لمكتب السيدة ، وألقوا عليها التحية وكذلك على صديقتها الجالسة أمامها
فقالت السيدة : أهلاً بكم أيها الاخوة ، أرسلت بطلبكم كي أقدمكم
لصديقتي الغالية جداً على قلبي (مشاعر ) - مشاعر هو اسم صديقة السيدة –
وأقدمها لكم ، لتتعرفون على بعضكم البعض
ومن هنا أعلن لكم أن مشاعر هي آتية الينا من أجل مساعدتنا والاهتمام
بكل نواحي القصر ، ولها كامل الصلاحية ومطلقها في عمل أي شئ تراه مناسباً للقصر ولنا
وأريد منكم أن تمدوا لها يد العون حين تحتاج لذلك ، وأن تلبوا لها طلباتها حين تطلب
وبعبارة أخرى أريدكم أن تفهموا أن مشاعر هي بمثابة نفسي في القصر
عوفرا : أهلاً أهلاً بسيدتنا الجديدة مشاعر ، هذه سعادةٌ لنا أن تكون معنا هنا
انسانة رقيقة وبخبرةٍ متشبعةٍ في أمور ترتيب وهندمة القصور
لترتب وتُهندم – مبستماً وناظراً ناحية المظفر - لنا بعض الفوضى الموجودة لدينا
يوحنا – ظاهر على وجهه علامات الخجل المصطنع : -
حياّكِ الله بغاليتنا مشاعر ، أنرتِ القصر ومَن فيه
مشاعر : حياكم الله جميعاً ، وأنا سعيدة أني مع صديقتي الغالية
ومعكم هنا ، وما أريده منكم فقط مساعدتي في هذه الفترة لأني جديدة بينكم وفي القصر
وكل الموظفين لا يعرفوني ولا أنا أعرفهم فهذه مسؤوليتكم
أن تعرفوهم بي وتعرفوني بهم
وكذلك مساعدتكم لي أن تلقوا لي الضوء على كافة أنحاء
القصر وجوانبهفهو قصر كبير وواسع كما ترون
(( في هذه الأثناء ، ومع هذا الكيل الهامر من عبارات الترحيب المبالغ فيها
المظفر فقط جالس ويستمع ، ولم ينبس ببنت كلمة ، فهو مستمعٌ جيد
في هكذا حالات ))
وقف المظفر وقال : اهلاً بكِ اختنا مشاعر ، إن شاءالله نكون لكِ عوناً بأيِّ شئٍ تريدينه منا
اعذروني الآن فلدي بعض الأعمال لأنجزها
غادر المظفر مكتب السيدة ، وبكثيرٍ من تساؤلات تدور في خُلده لمَ ولماذا وكيف ؟؟!
لكنه لم يعبأ للأمر كثيراً ، وتابع عمله كالمعتاد
...
المكان { مكتب المظفر }
( صبيحة اليوم الثاني )
نظر المظفر من نافذة مكتبه وبيده فنجان قهوته الصباحية فهي تُطلُّ مباشرةً على حديقة القصر
ولكنه قلّما ما يفتح نافذة مكتبه ، فأذهله ما رآه في الحديقة والتي هو معتادٌ عليها
أن لا يرى بها سوى المسؤول عنها وعن نظافتها وترتيبها فرآى على تلك
الطاولةِ المستديرةِ مجتمعين كلهم بقهوتهم الصباحية ( السيدة ومشاعر
وعوفرا ويوحنا )، والابتسامات الكبيرة ظاهرة على وجوههم من بُعد
فقال في نفسه : ما الذي يجري هنا ، أيعملون أم أنهم يتسامرون
ومالي أنا في هذا كله فليكن ما يريدون طالما هي السيدة موافقة على ذلك.
ودخل وجلس على كرسي مكتبه يراجع الأعمال التي تنتظره ليقوم بها وينجزها. طاولةٌ مستديرةٌ يجلسون حولها أربعتهم ، يتسامرون تارة
وتارةٌ اخرى يتحدثون عن أعمال القصر
- مشاعر سيدة تمتلك حسٌّ مختلف ، وشديدة الملاحظة وذكيةٌ في تعاملها
كما هي هادئة ، ولها نظرةٌ ثاقبة في مُحدِّثها أو المُقابل لها -
أرادت مشاعر أن تعرف نوعية الأشخاص التي أتت لتعمل معهم
ولها في أسألتها لهم مغازي ومعاني
فسألت عوفرا : قلّ لي عوفرا ، هل راقت لك قهوتي الصباحية ؟
عوفرا : قهوةٌ ولا ألذ ولا أطعم ، حقاً أتذوقها باشتهاءٍ ولذة
ولا أريد لهذا الفنجان أن ينتهي .
- بنظرةٍ خاطفة من مشاعر لعيني عوفرا ، فهمت أنه شخصٌ لا يُستهان بخبثه -
وأعادت نفس السؤال على يوحنا
فرد يوحنا : حقاً إنها لذيذة وشهية ، ولكن ليس بالكم الذي قاله عوفرا – وابتسم -
مشاعر : قهوتي بالعادة لذيذة يوحنا ، ولكن كما قلت ليست بتلك اللذة التي وصفها عوفرا
أظنه بالغ في الاطراء ولا أدري هو اطراءٌ لي أو لقهوتي – وابتسمت –
لم يرق لعوفرا ما أجابت به مشاعر بخصوص اطرائه لها ولقهوتها
ومشاعر بالمقابل أخذت صورةٌ والتقاطةٌ حيّةٌ عن كلاهما ، واستأذن كلٍّ من
عوفرا ويوحنا وعادا الى مكتبهما ، وبقيت السيدة ومشاعر جالستين في الحديقة
فسألت السيدة مشاعر : حدثيني مشاعر ما هو تصورك الآن بشكل عام ؟
مشاعر : إن كنتِ تريدي تصوري عن القصر ، فهو بحاجة عمل وترتيب
وهذا لن يتم دفعةً واحدة ، بل سأنفذ الترتيب بكل جزءٍ في القصر على حدى
السيدة : فكرة رائعة وسديدة مشاعر ، وأنا معكِ في هذا الرأي ولكن قولي ما رأيك في الأشخاص الذين اجتمعتِ بهم ؟
مشاعر : أظن أني كونت صورة عن كلِّ واحدٍ منهم ، مع أني لم أجتمع بعد
بمن اسمه " المظفر " بعد فإني أراه دوماً منهمكاً بعمله
السيدة : نعم المظفر لا يتهاون بعمله وهو بالنسبةِ لي العين الساهرة
في القصر وهو الحامي لقصري ولي
مشاعر : آهٍ منكِ أنتِ ، كأني أرى في عيونك ملامح حب للمظفر وأنتِ تتحدثين عنه
وعلى كل الأحوال أنا أراه عن بُعد أنه رجل صادقٌ في عمله ويستحق الحب والاحترام
السيدة : لا تضيعي الموضوع مشاعر ، سألتك عن رأيك ؟
مشاعر : حسناً ، سأقول لكِ بكل صدق ووضوح ، ومن بعد اذنكِ إن أذِنت لي
فأنا افضل الإجتماع بكلٍّ من المظفر ويوحنا بمكانٍ خارج القصر
حتى استطيع معرفتهم أكثر عن قُرب ، خارج نطاق القصر والعمل
وهم كذلك سيكونون بتركيزٍ أكثر معي لمتطلباتي منهم
السيدة : خارج القصر !! .. هذا ما لم اسمح به نهائياً مشاعر وأظنك تعرفين هذا جيداً
وهذا عندي قانون ومبدأ اتخذته لقصري ، ولكن لمَ المظفر ويوحنا هما اللذان اخترتيهما ؟
مشاعر : اعجبني اسلوب وتفاني المظفر في عمله ، وأرى فيه أنه الأكثر فائدة لي
لمساعدتي لمباشرة ما سأقوم به من اعادة ترتيب وتهيئة للقصر
أما يوحنا فأنا أراه أنه عامل مساعد وممكن أن أستفيد من ايجابياته
السيدة : وعوفرا ؟ ألم يرق لكِ ؟
مشاعر : بتاتاً لم أرتح له
السيدة : أوجدتِ فيه ما يعيب ؟
مشاعر : عيوبه رأيتها كثيرة ، وأهمها الخبث الذي يتحلى به ، وهذا هو رأيي
السيدة : هزت برأسها كأنها استغربت من كلام مشاعر
حسناً مشاعر أنا منذ البداية اعطيتك الصلاحية في التصرف كما تشائين
وباستطاعتك دعوة المظفر ويوحنا للمكان الذي تريديه ، فلن اعترض طريقك
مشاعر : وهذا ما كنت اتوقعه منك غاليتي، لأننا نعمل سوياً بثقةٍ مطلقة
السيدة : ثقتي بكِ عالية وكبيرة جداً ، فعلى بركة الله ، سأذهب الآن لأرتاح
مشاعر : وأنا كذلك ، لكن قبلها سأوجه دعوة للمظفر ويوحنا حتى نلتقي غداً
فخير البر عاجله عزيزتي
السيدة : لكِ ما تشائين ، أراكِ على خير
كلٍّ من السيدتين غادرتا الحديقة ، فتلك ذهبت لتأخذ قسطاً من الراحة
ومشاعر ذهبت ووجهت دعوتها للمظفر ويوحنا ، الا أن المظفر قبل موافقته سألها
إن كانت تعلم السيدة بهذا الشأن أم لا ؟
فأجابته مشاعر - وهي مذهولة من سؤاله وموقفه
على العكس من يوحنا الذي وافق على طلبها سريعاً ودون تفكير :
طبعاً تعلم ، واعلَمْ أنت أنني لا أقوم بشئ الا بعلمها
المظفر : وهذا حقاً ما أريده وأرتاح له ، فعلى بركة الله ، غداً لنا لقاء إن شاءالله
غادرت مشاعر مكتب المظفر ، في حين المظفر ظل يفكر في طبيعة هذا اللقاء
الذي أرادته مشاعر هذه / فما الذي تريده منه ومن يوحنا ، وما الذي يدور خُلدها
إلا أنه استسلم في النهاية وقال في نفسه :غداً لناظره قريب .