مرحــبا بكم مليون |
قصـص، روايـات، سرديات، بأقلامكــم يمر الربيــع تلو الربيـــع ويتصــاعد الشـــعور - قصص ، روايـات وسرديات |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
وانتهى كل شيء :
نظر إلى أرتال الكتب في غرفته فهنا كتب الأدب ، وبجانبها كتب النحو والبلاغة والنقد ، وخلفها الروايات والقصص ، وفوق المنضدة بعض كتب التاريخ . اتجه إلى مكان جلوسه وجلس وأجال ناظره مرة أخرى بين أرتال الكتب المتكدسة وقال : قد أمضيتُ قرابة الثلاثين عاماً في مسامرتكن (من سن الثامنة إلى قرابة سن الثامنة والثلاثين) أفلم يأن لكن إطلاق سراحي بعد ثلاثة عقود من الأسر . ثم صمتَ قليلاً وارتشف رشفتين من كوب الشاي ثم اتكأ على الأريكة ، وأغمض عينيه ، وشرد بفكره إلى مرحلةٍ ما زال يحن إليها ويهيم بها (رغم مُشارفته على مرحلة الكهولة) حينما كان ينهض قبل بزوغ الشمس ، ويذهب إلى البقعة الخالية شمال منزلهم ليُشْعل النار مع أترابه للاصطلاء وإعداد الشاي ، أو شيِّ الدجاج , أو حينما تأتي الصبية إليه وتأخذ بيده فيذهبان لتناول الإفطار في غرفة الموقد ، ثم أفاق من شروده ونظر إلى الكتب المحيطة به وقال : أأفيق من ذلك الخيال الجميل على هذا الواقع المؤلم ؟ ثم عاد إلى شروده مرة أخرى مستعيداً ذكرى عهد الصبا العذبة وتذكر عندما كانت تلك الصبية التي تيَّمته تطل عليهم من النافذة فابتسم وقال : حتى وإن حملكِ النوى على بساطه فنأت الديار، وشسعت المسافات ، فلم يَشْعفْ ، ويَشْغفْ ، ويُحْرقْ ، ويَسْكُنْ ، ويُحَرِّكْ قلبي هوى سوى هواكِ فأنتِ لم تضيئي سمائي كنجمة أو كهلال ، بل أضأتها كالشمس في رابعة النهار والبدر في ليلة تمه . ثم رفع كوب الشاي ورشف منه رشفتين وقال : دائماً أُعلِّلُ نفسي بالأمل وبكلمة ((هناك)) أما الآن فقد توارتْ شمس الأمل خلف سحب اليأس ، وعدتُ أدراجي أعض أصابع الندم على عمرٍ أضعته وفرَّطتُ فيه (والذي لن يؤوب إلا إذا آب القارض العنزي) فوا أسفي ويا حسرتي على ما مضى وانقضى فيما لا نفع فيه . ثم كز أسنانه وقال بغيظ : سأحطِّمُ محبرتي وأكْسرُ قلمي وأُمزِّقُ أوراقي وطرسي وأُغادرُ ضاحيةً كانتْ في نظري موئل السعادة وموطن النَّعيم وأُنحِّي قلب الطفل الذي لازمني جميع أعوام عمري فقد انتهى كل شيء وأضعتُ الكثير ، وأخفقتُ إخفاقاً ذريعاً فيما أممته وغذذتُ الخطى إليه . ثم نهض وأخذ كل ما عنده من الكتب وأتلفها مُقسماً ألا يعود إليها مرة أخرى فقد كفاه ما أمضاه من أيامه سعياً خلف الوهم والسراب . 30/12/1439هـــ ـــ 10/9/2018 م .
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|