2018-11-10, 07:03 PM
|
|
الفاتنة - غصص الحب :
رأيتُ الليلةَ البارحةَ في الرؤيا فتاة ترفل بثياب الحسن والجمال ، وتتبختر في وشاح الفتنة .
فتاة يخجل البدر من الإضاءة بوجودها وقد باتتْ معنا في البيت ثم سافرتْ بعيداً عني وبعدما صحوتُ من نومي كتبتُ هذه الخاطرة في وصف حسنها وجمالها :
أيتها الراحلة نحو الأفق البعيد من غير توديع الوامق فيك ، المتيم بحسنك وجمالك ، الواله في إثْرك أقمتِ بيننا ساعاتٍ قليلةٍ ثم حملكِ النوى على بساطه فشطتْ بكِ الديار ونأى المزار .
أيتها الراحلة إني أرى في النجم بريق عينيكِ ، وفي القمر حسنكِ وجمالكِ ، وفي الشمس إشراقة وجهكِ ، وفي اللؤلؤ تلألؤ ثناياكِ ، وفي الليل والنهار حور عينيكِ ، وفي المسك عبير ريّاكِ ، فأنتِ أرق من نسمة العليل ، وأصفى من الخمر ، وأحلى من العسل .
فيكِ من الظبي اتساقه ، ومن الليل سواده ، ومن النهار ضياءه ، ومن القمر ، بهاءه ، ومن الزهر رواءه ، ومن الشهد صفاءه ، ومن المسك ذكاءه ، فأنتِ الدرة المكنونة ، والتحفة النادرة المصونة إليك تشرئب أعناق العشاق ، وتبذل المهج من أجل وصلك والعناق .
غصص الحب
لم أكن أريد لهذه الخاطرة أن تظهر بل كنتُ أريد أن تموتَ بموتي كما ماتَ وسيموتُ الكثير من كتاباتي بموتي ولكنّي في النهاية آثرتُ نشرها بعد حذف بعضها .
الحب ذلك البحر الهادئ تشاهده فيأسرك منظره ، ويخلبُ لبك جماله ، فإذا ركبتَ فلكه هاج وماج ، وعلتكَ الأمواج ، وأحاط بك الموتُ من كل مكان ، وتجرعتَ الموتَ قبل أوانه ، وقاسيتَ من الشدائد والأهوال مالا يعرفها إلا من كابدها .
هكذا الحب بدايته لذيذة ولكن نهايته أليمة ، وعاقبته وخيمة ، يفتكُ بقلبكَ وينهكه ، ويحرقُ عروق جسدك ، ويُسهرُ عينيك ، ويزهدك في المأكل والمشرب ، فأنسك وانشراحك التفكير بإلفك ، فأصبحت جسداً بلا قلب لأن قلبك هناك يرفرف على الحبيب الذي أهديته إياه .
الحب يلج إلى القلب من غير استئذان فالويل ثم الويل ثم الويل لمن تمكن الحب منه فما بعده وربي إلا غمرات الأهوال والعاقبة الموت إن لم يجتمع بمحبوبه .
أيتها الظبية الغيداء لقد أحببتك أشد الحب وأمضه فأنتِ لقلبي كالشمس للدنيا تضيئينه وتبعثين الدفء والطمأنينة فيه .
بل أنتِ له كالغيث للأرض الجدباء تُحيينَ ما مات منه ، وتشعرينه بلذة الحياة .
بل أنتِ له كالأم لطفلها لا غنى له عنها ولا صبر .
يا لله كم تمنيتُ لو لثمتُ فاك ، وارتشفتُ من رضابكِ الذي حاكى الشهد ما أُرْوي به ظمأي ، وأخفف لوعتي .
سبحان الله أَكُتبَ علي أن أتجرع غصص الحب ، وأكابد تباريحه لآخر لحظة من حياتي ؟
رجب 1430 هـــ .
|