ردَّ المظفر بذلك الرَّد على تساؤل السيدة ، ولم يكن بذي حاجة للشرح المفصل لها
على اعتبار الثقة التي بينهما حسب اعتقاده وتفكيره من خلال العشرة وطول سنيَّ العمل معاً
كعادته عاد المظفر الى عمله ، وكأنَّ شيئاً لم يحصل ولم يكن ، وفي هذه الأثناء
كان المظفر قد جلب للسيدة موظفةٍ جديدةٍ وممن هُنَّ ترُقن للسيدة وبهنَّ منفعةً للقصر
وممن هُنَّ معروفات لدى المظفر من خلال عمله في أماكن أخرى قبل عمله فيقصر السيدة
فقام المظفر من مكتبه ، ولم يشأ اخبار السيدة بالأمر مُسبقاً بل أحب ان تكون لها فاجأةً جميلة
فتجول المظفر في أرجاء القصر ، وفي صالة القصر الكبرى حيث هناك لوحة الإعلانات
وقف أمامها المظفر يُراجع ما بها من اعلانات لربما لم يراها من قبل
وإذ ببيانٍ قد كُتبَ بخطٍ عريض وظاهرٍ ، والعنوان كان هو الذي أذهل المظفر
فإذ بالعنوان هو اعفاء واستغناء عن خدمات أحدهم ، ولم يكن يعرف حقيقة الأمر
ابتدأ بالقراءة حتى السطور الأخيرة من البيان ، فإذ أن أسمه هو المقصود من البيان
زادَ ذهولاً ، ففي البيان ، والذي هو كان بياناً لقرار ، وجد نفسه أنهم قد
صاغوه بصيغةِ المذنب ، وأظهروا ذنبه على أنه الذنب العظيم والذي لا يُغتفر
بل وأكثر من هذا ، فهم صوروه من خلال بيانهم بأنه على قدرٍ سئٍ من الخُلق
وأنه المُستغل لمنصبه في سبيل أهدافه الشخصية والذاتية
امتلأ المظفر غضباً ، وتوجه لمكتب السيدة ، فوجده مُغلقاً
توجه لمكتب يوحنا ومكتب عوفرا وجدهما مغلقان الآخران
والبيان الذي علقوه كانوا قد أشاروا الى عدم تدخل أي أحدٍ في الموضوع
وأنهم قد اتخذوا قرارهم ولا سبيل لأي نقاشٍ أو جدالٍ من أحد
اِضافةً الى أنهم كانوا قد أغلقوا لوحة الاعلانات بمفاتيحٍ جديدةٍ
غير تلك التي بحوزة المظفر نسخة منها ( أي تمَّ تجديدها واستبدالها )
حاول المظفر مخاطبة السيدة بأكثر من طريقة إلاّ أنها أوصدت في وجهه كلَّ السُبل
حاول أن يوصل صوته بأيةِ طريقة لهم ، فإذ بـ عوفرا يوجه له رسالة تحذيرية وبلهجةٍ تهديدية
فأرسل له المظفر قائلاً :أين أنت ، هل تُهددني أنت يا عوفرا ؟!!
حاول وحاول وحاول المظفر الوصول للسيدة لكن محاولاته باءت بالفشل
جرّاء ما اتخذوه من اجراءات بحق المظفر واغلاق كافة الأبواب والطرق أمامه
وكأنهم أو بالأحرى كل الدلائل أشارت إلى هدفهم من ذلك وهو قمع المظفر
ومعه محبيه ومؤازريه.
لم يجد وسيلةً سوى كتابة خطاب شديد اللهجة موجه للسيدة بشلكلٍ مباشرٍ
ووضع خطابه هذا على واجهة لوحة الاعلانات كي يراه ويقرؤه الجميع
وليون الجميع على بيّنَّةٍ من الأمر بكلّ تفاصيله
ولكن سرعان ما وصل أمر هذا الخطاب للسيدة ، فأمرت باِزالته وتمزيقه فوراً
وارسلت للمظفر رسالةً قالت فيها ::
يا مظفر ها أنا عندك إن شئت أن تشتمني أو تسبني أو تفعل بي ما تشاء
لكن دع هذا يكون بيني وبينك ، وليس على لائحة لوحة الاعلانات على الملأ كما فعلت
زاده هذا الخطاب من حنق وغضب المظفر ، فكيف ترسل له هذا وهي تعلم أنها
وهُم قد أغلقوا أمامه كل الطرق وكل الأبواب ، وهي تدري وتعلم بذلك
فوجه رسالة اليها رداً ::
قولي لي أنتِ هل أنتِ اِنسانة حقاً أم مسخاً بهيئة اُنثى
أو أنكِ تدعي الأنوثة، وأيّ أُنوثةٍ شيطانيةٍ التي تتلبسك هذه
كيف تطلبين مني هذا وأنتِ تعلمين ما فعلتِه أنتِ وحاشيتك ؟!
كيف تريديني أن اخاطبك وأنتِ التي اغلقت أمامي وبوجهي كل السُبل ؟!
كيف تقولين دع الأمر بيننا ، وأنتِ التي جعلتِ الأمور كلها ضدي ومُعلنةً على الملأ ؟!
أنتِ أسوأ ما عرفت حقاً في حياتي يا سيدتهم الخادمة
لم يعد باستطاعة المظفر فعل أي شئ في ذلك الوقت ، فلملم كل ما له في القصر
وغادر القصر وهو مكتظٌ بغضبٍ جامح وهائج