في لحظات القوة، حين يكون المرء في أوج صلابته، يقف عاليًا شامخًا كما الجبل أمام الرياح
يرى في نفسه صمودًا لا ينكسر، ويظن أن الوهن والعجز بعيدين كل البعد عن مساره. يلتف الناس حوله
يتسابقون لكسب وده، يمدحونه على كل إنجاز ويثنون على قوته التي لا تنضب.
يصبح حديثهم عن صلابته جزءًا من يومهم، يتغنون به وكأنه منارة لا تنطفئ.
لكن حين يمر الزمن ويتسلل الوهن إلى الجسد، وحين يتراكم العجز على الروح يتغير المشهد.
فجأة، تتباعد الخطوات، وتتلاشى الأصوات التي كانت تملأ المكان بالثناء.
يصبح المرء في عزلته، يترقب كلمات دعم أو لمسة تعاطف.
البعض يتجنب حتى النظر إليه، وكأن وهنه عيب يخشون أن يُرى، وكأنهم يهربون من انعكاس ضعفه على ملامحهم.
لقد أصبح العجز في هذه الأيام محطّ تجاهل، والناس تتعامل معه بفتور أو حتى ابتعاد
وكأنهم لا يريدون أن يتذكّروا أنهم، في يومٍ من الأيام، قد يصبحون كذلك.
تتراجع العلاقات، ويتنكر البعض، وكأن القوة وحدها هي ما يجذبهم، وحينما تختفي، يختفون معها.
وفي المقابل، يظل هناك القليل ممن يرى في الوهن تجربة إنسانية تتطلب الحنان والاحتواء.
أولئك الذين يفهمون أن القوة والعجز وجهان لعملة واحدة، وأن احتضان الإنسان في ضعفه هو عين الوفاء.
هؤلاء نادرون، لكنهم يحملون في قلوبهم شجاعة الوقوف بجانب من كانوا أقوياء، حتى في أوقات الهشاشة والانكسار.
في نهاية المطاف، يبقى الوهن جزءًا من الحياة
اختبارًا للحب والوفاء
وقوةً خفية تكشف عن جوهر الإنسان الحقيقي
سواء في قوته أو في ضعفه.