كأني, قضيت ليلتي تحت الأنقاض.. بعد عدة محاولات للنهوض تمكنت من الوقوف على قدماي، المتحجرتين، يا إلهي ما هذا الشعور!!!!. نزلت على الطابق الأرضي وأنا أستند على جدار السلم، يجب أن اُقاوم هذا التصلب وهذا الدوران سأكون بخير حين أصل للمطبخ،.... فنجان قهوة في الهواء الطلق جدير أن ينعش جسدي... وفكري أيضاً... يجب أن اُراجع الوصفة المرفقة بعلبة الدواء.. لقد أكد الطبيب أن آثاره بسيطة، يجب الأخذ بعين الاعتبار نصائحه فهو صديقي وأثق فيه. اخلاصه،. عبثاً حاولت قراءة هذه الورقة كأنها كتبت خصيصا حتى ترهق بصري. بصراحة أشك في نية هذه الشركات القاتلة، سيمل من يريد قراءة أحرف بهذا الحجم. كله مدروس مسبقا أضحك قليلا بإستهزاء..وأقوم للبحث عن نظاراتي الطبية على أحد الرفوف.. ما زلت أُمارس العناد هذه المرة خرج الموضوع عن سيطرتي، لم أتمكن من قراءة أكثر من سطرين، أنا بحاجة للمساعدة حقاً سحبت عجزي وقلة حيلتي وألقيت بجثتي على الفراش، أعرف أن روحي ليست بخير أُغطي جسدي كما تُغطى رفاة مشوهة ، فروة رأسي تأكلني، لم أستحم منذ أربعة أيام تذكرت حادثة حدثت معي في أكثر من ثلاثين عاما مضى، حادثة الوباء الكبدي والقمل الذي غزى جسمي وشعري وقت مكوثي بالمشفى لمدة شهرين دون رعاية أو نظافة. كنت وقتها صغيرة لم أتجاوز الخامسة عشر من عمري وكان الوباء يحصد الأرواح دون رحمة المدينة كانت في حالة عزلة ، وأعلنت حالة الطوارئ وقتها الغريب أنني حلمت بالوباء قبلها ، حلمت أن ثلجاَ أسوداَ كثيفاَ ينزل على المدينة صرخ والدي حين قصصت الرؤية في الصباح على مائدة الإفطار ، قال يا ساتر الله لطفلك!!! شعرت بالذنب كأني أنا من يصنع الأحلام... وكنت من ضمن ضحايا هذه الرؤية... كان أستاذ الرياضيات من اكتشف عليَّ المرض وكان هدوئي الغير معهود هو السبب كنت شعلة من الطاقة والفوضى والمشاكسة في القسم، تحولت للنقيض المخيف. فكر الأستاذ ربما اُعاني من مشاكل المراهقة بسبب عمري وقتها، طلب مني عدم مغادرة القسم بعد انتهاء الدرس. اِنصرف الطلاب على عجل مثل كل مرة كمن يبحث عن الحرية وبقيت برفقة المعلم الذي بدأ يطرح سلسلة من الأسئلة التي لا تناسب حالتي وكثيرا من النصائح ونحن نغادر القسم معا نحو ساحة المدرسة المشمسة، بحكم حجمي رفعت رأسي نحوه حتى اشكره على اهتمامه هنا وقعت عيناه على وجهي وعيناي التي تحولت للون الأخضر، ذُهل الأستاذ من المنظر وضع محفظته أرضا وفتح عيني للتأكد نعم كنت مصابة بالوباء في درجة متقدمة جداً... بدأ بطرح الكثير من الأسئلة وكيف لم يلاحظ أهلي وخاصة والدي بحالتي هذه. فقد المعلم صوابه أمام حالتي واصطحبني للإدارة حتى يسجل اكتشافه على أوراق رسمية وإعطاني رسالة لوالدي لعرضي على الطبيب.... في صباح اليوم التالي أخذ والدي عينة مني للمختبر وما هي إلا ساعات حتى وقفت سيارة الإسعاف أمام بيتنا لنقلي للمستشفى....
عضويتي 
أحاسيس خريفية-الورقة الأولى
العرض الشجري