مُخيمٌ عليه السكون
والسماء مُكفَهِرَّةٌ لا قمرَ فيها / لا نجوم
والظلامُ دامسٌ حالكٌ مُغطى بغيومٍ سوداء
والوجوهُ أصابَها هلعٌ وَوُجوم
وتدُّقُ أجراسُ الموتـــى
وحولي هياكلٌ وجماجمٌ
لا حِسَّ ولا إحساس
والجسدُ مهترِئٌ
ولم يَعُد ما يمكن بهِ أن يدوم
وأُناجى الموتى وأرنو منهم
وأمُدُّ يدي أتحسسُ وجوهِهم
فمن عشيرَتِهم أصبحت
فلا أخشاهم
لا أخشى عَتمِ عُتومِهم
أُناجيهِم / أُناديهِم
وأجراسَهُم تدُّقُ وتدُّقْ
وتزِّفُ إليَّ الرُّعبَ بغيرِ نَضْبْ
فلا رُعبَ يُرعبُني
ولا تخَاويفَ تُخيفني
******
أدنو منهم
فيتساقطُ كلَّ مَن أدنو منه
يموتُ لدّنُوي الموتى
أيموتُ الموتى !!؟
يموتون من موتي
من حزني ولألمــي
من يأسي ولعبوسـي
وتدُّقُ أجراسهم
مرةٌ أخرى وأخرى
وبهدوءٍ خاشعٍ تُعاد
دقاتَ أجراسِهم
وبخشوعِ مؤمنٍ خاشعٍ في صلاتِهِ
تدُّقُ طبولَ مُناجاةٍ وابتهال
******
في مدينتهِم مُتجولٌ
وأمامي كلَّ المآذنِ موحدةٌ خاشعة
كلَّ الكنائسِ ساكِنةٌ هادئِــة
والقمر والنجوم فوقي
مُتراقصةٌ مُترنمةٌ
تغني صادحة لموتِ الموتى
وأموتُ مرَّةٌ ومرّة
وثالثةٌ / ورابعة
وأجراسُ نُذرِ الموتى تُقرَعْ
ومآذِنِهِم تلمعُ بضَوْءٍ كالبرق
ويموتون ثانيةً
مع كلِّ رنينٍ ودَّقَة
مع كلِّ لمعةٍ من ضَوْء
أيا ربُّ أبعدَ الموتِ موت !؟
دقاتٌ جنونيةٌ مهووسة
وهياكلٌ نافثةً بسمومِها
وهيكلي مومياءً مستكيناً
واهزوجةٌ صادحةٌ تترنمُ بها آذاني
يحيا الموتى / يعيشُ الموتى
تعيشُ المقبرة
تعيش / تعيش / تعيش
******
تلكُم أهزوجة مقبرتي والموتى
تلكُم هي روحي
تردِّدُ معهَم بترَّنُّمٍ أهزوجَتَهم
وتصيرُ هي موالَ شِعري
وتلوذُ روحي لكتيبةِ أحزاني
ومملكة آلامي
ويرفعونَ لي رايَةَ الولاء
ويصيّروني القائد لهم
مَيْتٌ وقد أصبحتُ قائداً ؟!
قائداً بلا مِقوَدْ !!
مَلِكاً بلا مملكة !!
ومملكةً يسودها الظلام
وأسافرُ عبرَ أزقتِها وأنفاقِها
وأعجَبُ ويعجَبُ مَن حولي
من هياكلٍ من رمادٍ
واصرخُ
واعجبي أهكذا الآن أنا أصبحت !!!
******
وتأتي من البعيدِ
أصداءُ أجراسٌ مخيفةٌ مرعبةٌ
أجراسُ مقبرةٍ تُنذرُ الموتى بالموت
مع قدومِ الصباح والضياءْ
ضياءَ الكونِ يُرعبهُم
يُناثرهم كَذَّرِ رماد
وبيني وبيني أصيحُ
لن أخاف
لن أرتعب
لن أهرب
******
دقاتُ نُذُرْ
أم أجراسٌ للموتى تعتذرْ !؟
تناجي الرَّبَّ وتبكي
وحُزنٌ يَلُّفهم
من أخمصِهم لنواصيهم
ويعلنون الحداد
بلباسٍ ناصعِ البياض
ضاحكٌ فَرِحٌ تارةً
باكٍ بعويلٍ تارة
هكذا حدادهم
وهكذا سرادِقَ عزائِهم
والميتُ أنا وروحي
أم هُم أماتوني !!
ودقاتُ شافعٍ ونذير
مناجاةٌ وإسترحامٌ للرَّب
أإلهي أتعطفُ على موتى بلا إحساس ؟؟؟
وموتَ الموتِ يحييون!!!!
******
وتدنو مني وتقترب
كل الهياكل / كل الجماجم
مُقدمةٌ تراتيلَ العزاء لـ عزائي
وتردِّدُ وأردِّدُ معها تباً للحياة
وفزِعاً أستفيق
ولأولِّ مرةٍ أرتعب
واموتُ رُعباً ورُعبا
بين هياكلٍ وجماجمٍ وقبور
ولا زالت تَصُّمُ آذاني
أجراس نُذر المقبرة
وترانيم الموتى
ولا زال في عروقي
بعضٌ من الدَّمِ يجري
ودمٌ نابضٌ يجري !!!
أذاك أوهامٌ ؟!
أم أحاسيس في داخلي تسري؟!!
وأُناجي على نغماتِ أجراسِهِم
لتحيا تلك الراقدة في عالمها
أحيِني بشموخٍ وإباء
أو أمِتني بعزٍّ وكبرياء
نصٌ ك هذا
يُقال عنه انه
نص قاتم
اى ان الحزن هو من يسوق الحرف سوقا
وعاش اليأس ب داخله حتى اصبح كهلا
حينها
نلقبه هكذا
..
حين يزحف الحزن بين السطور
ويتوغل الحزن بين انامل الكلمات
ويشتد الوجع على صدر الحروف
تكن المعزوفة نابضة ب الالم
..
ب رغم مسافات الحزن التى طواها قلمك هنا
الا ان النص جمع بين ضدين
الواقع والخيال
مزجك لهما دون خلل او اهتراء او ضبابيه
كان رائعا ب حق
اهنئك على رائعتك تلك
سلمت
ولك الفرح سيدى
مَدائِن المَوتى ، أحوالهم ، و أسرارهم ، بَاشرت هنا بِقراءتها
فَ انبجسَت تنهيدة أوّلت كرْهِي للغربة وَمغامراتها و ما سُرِق
من هذا العُمر بِقسوة الناظر والمنظُور ، مكوثكَ بينهم تتحسسهم
تجعل الشعور شَاقاً في رسم أملٍ أو ابتِسَامة لعل العُمر الطويل نتاجهُ
حال أحسَن وَ مسرّة .. يا رَب .