معنى هذاَ أنّنا كنا نَصطفّ كلّ مساء في فناء بيت جديِ الكبير و يَقف أخيِ الأكبر قُبالتنا ليعطيناَ إشارةَ البدء ، وقتهاَ لم يكن لِشيء ٍ أن يحدّ فرحتيِ المنطلقة غير أسئلة لاَ تُجيب على بعضها بذات الحماسة و الانطلاق لماذا جديِ معنا فوقَ التُراب وهو يحمل كل هذهِ التجاعيد في وجهه بينماَ أميِ نائمة تحته وقد كنتُ أراهاَ في الصورِ غَضةً و ندية وقتهاَ لَم أكن أعيِ أنَّ لكلّ شيء فوات أوان وَاحد ، عَدا الحياة والموت فإنّها تأتي في حينها تماما ولا فوات أوان فيها
أَ فليست هذه من تلك البساطة والحكمة التي لم نفهمها .. ؟!!
وَهي نفسها من تلك الأضغاث التي تقطع عليّ أقساط السعادة دوماً ..
لم يكن يهمنيِ شَيء بِقدرِ الحيرة التيّ كانت ترتسم على وجهِ أبيِ وَ القلق الذيِ كانَ واضحا ممزوجاً بِالحسرة كلماَ ركضت أسابقُ الهِندباء البريّة
كنتُ ألمحُ في عينيه بعض البريق وكان يصعُب على صبيةٍ مثلي مرخّصٌ لها أن تَصوم " يوم بِيوم " وقتهاَ أن تتبيّن معناه !!
ليلةُ زواج الآنسة صَفاء والسيد ربيع ❤ تُشبهُ ليلةَ العيد
كانَت هذهِ النهاية هيَ تعريفنا للحب لا أحد منّا كان ينام تلك الليلة كلّ واحدٍ كان ينزوي لفراشه ، يعانق وسادته ويفكّر ، ويحلم و ينتظر متَى يكبر لِيكونَ سعيداً تُرى كيفَ سيكون حظّي .. ؟
وفستانيِ هل سَيشبه فستان الآنسةِ صفاء أَو ربّما سترسلُ لي خالتي "فريحة" المُغتربة ثوباً من الحرير واللؤلؤ يَختلف عن كلّ الفساتين الموجودة هناَ مَاذا عن لباسِ العيد و هل يعقلُ أنّها لا زالت تذكر مقاساتيِ بعد كلّ هذا .. ليتها تعلم أنّي أكبَر قدًّا وأطولَ قامة من العام الماضي ، فَفستان (القطيفة) لا يزال جديدا ولكنّه " ضاق على خصري
كم أتمنّى أن ترسلي لي يا خالتي فستاناً منَ dentelle هذه المرّة ، كي أبدو أكثر نضجا
يَااآه على الصّغر و يااآه على ذاكرتي التي لا تذَوّبُها السّنين
لَا زِلتُ أذكُرُ كلّ التفاصيل بَل و لَا زِلتُ أذكُر أنّنا
كنا نضحك قبل حلول العيد بسبعة أيّام ثمّ نُواصلُ الضّحك لسبعٍ أخرى دونَ أن نشعُرَ بالعطش حَتّى
كُنّا نصنعُ تلك الفرحة بأنفسنا بالخَيط والطائرات الهَوائِية و كرات الصّوف والبالونات المنفوخةِ الملوّنة والشرائط ، نجري نجري نجري دون أن نحرصَ على نظافة ثيابنا الجديدة
و نردد
فيِ الدّروب هياَ نغنيِ ♧ فيِ المسارح والسّاحات
في الحقول هياَ نغنيِ ♧ يَنطلق لحن الحياة
كم كُنتُ أحبّ السّهر منذ الصِّغر حتّى الفجر لِأُشارك في طلاء البيت ولكن أبي دائما كان ينهرُني !
لم يكن يدري أنّني سأكبر بسرعة و سأذكر له أنّه منعني ذات يوم من المشاركة في طلاء غرفتيِ أو اختيار درجة اللون على الأقلّ ، وإلّا لكنتُ أحببتُهُ أكثر
لا يُمكن أن أنسى الخَالة "فريحة" ولَا تزالُ هداياهاَ وبِطاقاتها الجَميلة تملأ جهةٍ هامّةً من الذّاكرة ، ولَا زلتُ وأنا في هذاَ العمر أنتظرُ فستانًا بمقاسِ أحلاميِ كلّما تابعت حلقة من نفسِ الرسوم ، ولكن أين هي الآن ؟ سؤالٌ تطرحه 'بتول' اليوم يشبه تلكَ الأسئلةَ المتدافعة في رأسي عن أُمي عند الصغر
عندما كنتُ أسألُ جدّي عن مكانها ، كان يقول أنّها وراء البحر ثُمّ يُطرق !
و أقولُ لابنتي اليوم حين تسألني عنها الآن أنّها وراء السّماء ثمَّ أُطرق !
هكذا اكتَفت خالتي و "قنعت" .. بالعيش في الوراءات !
ولكنّها تبقى دوما أمامنا .. جزء من فرحة ممتدة فيناَ
’ فريحَة !
حَمحَمَ العمر يا خَالة .. و قَرعَتنِي الذَّاكرةُ بكِ !
آخرَ اتّفاقٍ كان بيننا ،
أنْ أصومَ نصفَ رمضان ’’ إيمانا و احتِسابا
وألّا أُكثرَ من الحلوى ، و ألاّ اقتربَ من الجبِّ العميقة في حقلناَ ..
لتُهديني لُعبةَ القطارِ الكهربائي .. الذي يعزِفُ لحنَ الحياة
هاه يا خالة
زمّر لكِ القطار لحن الرّحيل قبلَ أن ينقضي رمضان ذاك
يرحمُكِ الله*
و نسيتُ أن أخبرَكَ أنّ البئر جفّت ، و صار لدينا صنبور وريّ اصطناعي
لا احد يستطيع أن يعيد الزمن الى الخلف سوى الذكريات لا احد
نهرب بذكرياتنا ونلوذ بطفولتنا ذاك زمانٌ مضى
قوس المطر وبناء الاحلام تلك ايام
رائعه بسرد حوارات الامس هكذا ياإبنت أبيها
أنت دوماً متميزة وحرفك شهي للمتلقي
ذكريات الطفولة بالذات لا تغادرنا ابدا
سماتنا و قسمات وجوهنا و المقربون منا كبارا وصغارا
شقاوتنا اللذيذة و تفكيرنا البسيط
شجاراتنا مع اصدقاء اللعب .. و الطقوس الغريبة التي نتبعها لللتصالح !
مغامرات الرسوم المتحركة التي اعطتنا مساحات كبيرة من الخيال و الأحلام
الطفولة كانت متخمة بالفرح و الجمال
تِلك البطلة التي أخذت أدوارنا على مَسرح الحَياة / الواقِع
أسقمتنَا ذِكراها وأذاقتْنا مُر الكذبَة التي تَقول أننا كبرنا
بينَ جدرانِ غرَفَت من الحُب وسعَ الفضاء ، إنه ذات الحَنين يا ميديا لكنه
بِصُور مختلفة بِحَكايا نقيّة كَروح صَفاء ..
إنَّ اعتداءاتِ الحياة الصغيرة التافهة غرسَت فينا قُوة و مُواجهة وهي في أصلها
كبيرة قَاسية تنهال على ضحكاتنا البريئة بِكل اندفاعِها وِحدَة لا ندري أنها سَتقضِي
النصف الآخر من عُمرنا مَعنا فَ ليتها يا حبيبة بقيت أفراحنا محصورة بِفُستان أو هدية !!
الوَجع اللئيم أن يفرغ البيت و صدى ضحكاتنا لا يخيم سَماء الحضور
ألا تبقى الخَالة ولا هداياها ! أن يرحل الجد والأم والأب والأخ والصديق و يبقَى
الأثر ... آآآآآآه ! سُنة الحياة ، رحم الله أحبابنا فوق الأرض وتحتها .
الحَمدلله على كل شيء .