يبذل الجميع أقصى البذل، ويجتهد أشدَّ الاجتهاد للوصول إلى الغاية وبلوغ المراد. يعلم الجميع أن الترقِّي في مراتب الكمال يعتريه نقصٌ وقصورٌ: ((كُلُّ بني آدم خَطَّاء...))،
فمهما بلغ الإنسان منها لا بُدَّ أن يُجانبه الصواب ويبغته الخطأ والزَّلَل، فحينئذٍ تظهر الرابطة الوثيقة، والعلاقة الأخويَّة المتينة لتسدَّ هذا الخَلَل،
وتُصلِح ما فسد من العمل، فـ((المؤمن للمؤمن كالبنيان)) و((سدِّدُوا وقاربُوا)).
يرى جميع الركَّاب أن هذه السفينة
هي الوحيدة القادرة على إيصال مَنْ على مَتْنها إلى تلك الغاية النبيلة والمكانة العالية الجميلة، فلا تجد بينهم متوانيًا أو متخاذلًا أو كسولًا. كلُّ الزوايا تجد بها حبل إنقاذ وقاربَ نجاةٍ
لمن أراد أن ينجوَ من ملمَّات وظلمات ذلك البحر: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256].
تخوض سفينتنا عباب البحر وسط جوٍّ مظلم مُلبَّد بالغيوم،
لتخرج إلى ذلك الفناء الواسع والشاطئ الرحب الجميل. تمضي نحو وجهتها الواضحة المعالم، لا تحرفها عن هدفها أيُّ عوائق ولا تُثْنيها عن مضيها أيُّ صعوبات، ولا تُثْقلها أيُّ أحمال. تمضي لتصل إلى هدفها المنشود، وتأدية مُهمَّتها - بحكمة قائدها وتفاني طاقمها - بأحسن أداء وأوسع عطاء: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴾ [هود: 42]. من نزل هلك وأسلَم نفسه للفناء: ﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 43]. ومن لزمها وصلت به إلى برِّ الأمان: ﴿ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [هود: 48]. ذلك البر الذي يكون صباحه الجنة، ونعيمه الخلود،
ومنتهى نعيمه وحُسنه رؤية الملك الجليل، وسماعهم التهنئة المباركة بجواز هذا البحر وسلامة الوصول: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 24]. نسألك اللهمَّ مِن واسع فضلك
جزاكم الله خير الجزاء على رووووعة الطرح .. جعله الله لك في ميزان الحسنات ..
طرح رائع و وقيم ..
انار الله قلبكم بنور الايمان و رضى الرحمن ..
سلمتم على روووووعه طرحكم ..