أنَا حَسَن.

-


طفلٌ أطلقوا النار عليه.
هو داخلي يستغيث. يطلب النجدة.

لا شيء. لا شيء ابدا.

سُقيا معجب بهذا

-


لماذا تركتني يا مُحمد.
لا شيء بعد ثغرك يبتسمُ
كُل شيء صار مُعتم. مُعتم.
أخي الصغير جدًا. أنت لا تُستبدل.

سُقيا معجب بهذا

انا تعبان واجد تعبان

سُقيا معجب بهذا

-


كان لكِ دب قطني اسميته "دبكو"
متأثرة بشركة الاتصالات التي كان يعمل فيها والدكِ -بتلكو-
كُنتِ تحملينه غالب الوقت..
تحتضنينه كثيرًا. كثيرًا.
إلا أن استخدمه اخوكِ كُرة للعب به..
و انشقت رقبته و نزف القُطن كثيرًا.......
حتى بعد تضميد جرحه و تخيطه.
كان ينزف. و كُنتِ تحتضنينه. بقوة.

ليتني. دبكو.

سُقيا معجب بهذا

-


هل غدًا سأتحرر منك؟
أنت أيا قيدًا بقي في ذاكرتي. لأتقيد.
ثقوبٌ و سطور..
شكلت بجسدي تساؤلات لا معنى لها.
و لهاث و تدافع انفاس.

- آآآآآآآآآآه
- اصمت

كان سياطًا من جلد أو خشب أو حتى شيء مؤلم لا اعرف ما هو.
لكن كل ما اعرفه انه يؤلمني. جدًا.

و على ارضية السجن اذرف دمعي.
اتكور في المتر -لان ارضية الغرفة لا تكفي للتمدد-
و ابدا بالبكاء المخنوق.
كُل شيء يؤلم.
و رائحة العرق الممزوج بالدم. في الهواء تحزنني قبل ان تقرفني.
انظر لمن حولي. و جميعهم وجهي.
لا احد له القدرة على مواساة غيره.
محطمين. مهزومين.
هل هذا ما اردناه؟
و هل هذا ماتوقعناه؟

لا لا.
لكن.
الذكرى لا تزول.
حتى و لو زالت الاوشام.


ستبقى. سيجارة الجلاد. وحشي.
و سوطه. جحيمي.

سُقيا معجب بهذا

-




اشتد بي المرض.
و صورة مُحمد تتكلم.
أخي: خُذني إليك.

سُقيا معجب بهذا

-






يأتي في الرابعة مُنهكًا. عيناه تتنهد قبل فمه.
ينزع حذائه الجلدي عند الباب.
تركض اختي ما ان تسمع قرقعة مفاتيحه.
تعانقه بعنف. يحملها على كتفه. تضع يديها على لحيته.
تتذمر ان هذا الشعر -خشن- بالنسبة لشعره الخفيف الناعم.
يبتسم والدي. تاركًا حقيبته خلفه.
محملة بقوانين و قضايا. فواتير و متطلبات.
ينادينا جميعًا.
يقرأ وجوهنا.
ثم يرمي بنفسه في السرير.





أبي.
الحقيبة تسأل عنك.

سُقيا معجب بهذا

-



ان أرى امي تقرأ.
من أكثر اللحظات جمالًا في عيني.
تذكرني بسرقتها لرواية "الحب في زمن الكوليرا"
الخاصة بوالدي.
الذي قلب البيت راسًا على عقب.
ليراها تقرأه في المطبخ.
مقابل الحساء الذي كان يغلي في النار.
سأل أبي: هل من الممكن ان استعيد ماتقرأين؟
لاحظتُ أن والدي بدا مرتبكًا.
و لم أعرف اذ كان يرتبك عند سرقة كل كتبه.
ام هذه خصيصًا.
التي حصل عليها من وكيلة.
أهدت اياها بعد ان راته يقرأ لغابرييل ماركيث.
وضعت أمي الكتاب امامه.
بعد ان قرأت اخر جملة وصلت اليها :
"الحُب قبل كل شيء."
ابتسم ابي محملقًا فيها طويلًا.
ثم ضرب صدره واثقًا: انا اعرف انكِ فوق كل شيء.
بالأنتِ كُل شيء.
اقتربت منه.
امسكت ذقنه.
استمرا في تأمل عيون بعضيهما لدقائق: خلتها للأبد. مثل عشيقان حديثا العهد.
ليس بينهم سنين و اطفال.
لاشك أنهما نسيا وجودي. قُلت.
كانا في عالم مختلف.
لم ارى مثله ابدًا.
هو يرى بعينيها بحرًا
و هي ترى بعينيه وطنًا.
إلا ان تلك اللحظة لم تدم.
فصفير قدر الحساء.
أعلن منع تجول للاحلام.

سُقيا معجب بهذا

-




الرسالة الأولى:
أمي.


يقول شوقي:
" ليس اليتيم من مات أبواه وتركاه ذليلا
إنما اليتيم من له أما تخلت أو أباً مشغول"

ففي الشطر الأول أكون يتيمًا ذليلا. و في الشطر الثاني لي ام تخلت.

لماذا؟
أراني متسولًا ارتجي عطفا.
و انتِ حية ترزقين.
أترضين على طفلكِ؟
يقف بباب الناس و يقول "الله الله في قلبي؟"

أريد أمانًا.
كيف اشرح لكِ هذا.
بالطبع ليس موجودًا في الناس.
كما كُنتِ تخبريني عندما اطلب منكِ شيئًا.
لكنه لديك. انا متاكد انه لديك.
لماذا تسرقين اماني مني؟
لماذا تخبأينه عني؟

أنا أموت.
اتعرفين ماذا اموت؟
انا حسن اموت.
بالطبع سمعتِ هذه الجملة كثيرًا في هذه السنوات.
لكن لا تشعري.
انتِ لم تعودي تشعري بي.
منذ قُطع الحبل الذي يوصلني بكِ.
أو توصليني بك.

انقطع كُل شيء.

رميتني في طفولتي عند خالي. و امراته.
تربيت هناك -في الغالب- .
و ماسوى ذلك كان لأبي يد لوفاته.

أينكِ من كُل هذا؟

و لماذا كُل هذا النبذ و الاقصاء.

أنا حسن. حسن الكرزة كما تسميني.


استحق هذا؟ استحق؟

ضميني اليك.
تعبت من طرق ابواب من لا يشعر.

-




الرسالة الثانية:
ندى.


كُل شيء معتم تعرفين.
تعرفين جيدًا. ماينتظرني. و ينتظرك.
تعرفين أن الم الكيماوي ينتج صراخات لا تخرج.
انا لا استطيع رفع لساني!
كيف تريدين مني ان ارفع حُبي!

صمت.
صمت.
صمت.


" كُنا نحب بعضنا اكثر. قديمًا."
"اعرف"

أنتِ لا تعرفين كم مرة يفور فيها دمي.
و أنا اراقب دخولكِ و خروجك.
تحدثك. و مناقشتك.
أنا أولى بكل هذا.
أنا حسن. أنا.

"حتى غيرتك احبها" تقولين.

لكن كُل نظرة منا.
ولدت الف حاجزًا بهم.
و صرتِ لا تعرفين مايجري حولي.
و ما اعاني. سواكِ.

أنا عاجز.
عاجز.
أنا مرمى.
ملقي.
أنا سرير مستشفى.
أنا جرس المساعدة الاحمق.
أنا الادوية و الدم الغالبًا ما ارميه في ارضية الغرفة.

أنا الميت. أنا. أنا.