أنَا حَسَن.

-


الرسالة الثالثة:
أبي.






























































































































































































































































































































































و اشتاقك.

مجرد ,سُقيا معجبون بهذا

-




لم يكن الأمر يا أبي عاديًا.
أن اموت.
يُرفع بي. تتقاذفني ايدي الشفقة.
و رأسي ينزع نفسه بنفسه.

- " أنا أموت"
- كلنا سنموت.

تجيب أمي دائمًا.
سوى اليوم. ايقظتني فزعة.
تحسست. وجهي. عيني. شعري.
ضمتني و بكت. بكت.

و عندما سألتها بعدها عن السبب.
كان أنت.
كُنت أنت من سألتها عني.
من قال لها: هيأيه إليّ.
هل تريدين إلى جوارك يا حبيب قلبي؟
هل تعفي عن كل شر اذنبته بك؟

،

ألم الكيماوي يفتت قلبي.
أنا ميت.
أقول أنا ميت.
و قلبي يهتز. يهترأ.
روحي تصارع روحي.
حُبي ينافس ألمي.

متى سأعيش حيًا؟
متى ستضمني إليك.

مجرد ,سُقيا معجبون بهذا

-


لم تكن المرة الأولى التي يتناولني فيها السجن.
لكنها. كانت الأكثر رعبًا.
أن استيقظ بعد خمس ايام من شيئًا. لا أحب تذكره.
أو في الأساس لا اذكره. لاني لم أشعر بشيء.
في حفلة التعذيب الخاصة بهم.
توجهت لشرفة الزنزانة.
كان منظرهم و هم يتراقصون.
يمدون ارجلهم اليسرى امامًا و خلفًا. ممسكين ايدي بعضهم.
في غمرة المي و تعبي تسائلت. ماذا يفعلون!
كانوا يرددون شيء مثل الاهازيج
" و أنا رايح على القدس وقفتني دورية
قالت لي ارفع يديك وين الهوية ........ "

حسنًا.
تيقنت انهم. في النهاية. سكرى.
و قد خلطوا بين السجن و أماكن اخرى. ربما حيهم. او بلدهم لا اعرف.
التفتُ لمن حولي.
صُدمت.
و سكت.
كان "صديقي حسن" الذي لا اعتقد انه بقي صديقي.
بعد ما اتضحت خيانته لي.
ظننت انه بعد تخرج. رجع لبلده.
لكنه هنا.

" على الاقل لم يخن بلده قُلت".

لم اكن انا وحدي المصدوم. فهو ايضًا يرمي بنظره إلى كُل مكان سواي.
و على الرغم من هذا حاول ان يجرني إلى الحديث.
ان اتكلم معه.
ظن اني لا اود التحدث معه.
لكني لا استطيع الكلام.

في الزنزانة نفسها. سمعتُ رجلًا يحدث اخر عن تهمته
" انكار الهولوكوست" طبقًا لـ "قانونهم" فانا استحق السجن.
كان حسن ينظر لي بتوجس.
يعرف ولعي بالتاريخ. و خاصة "تاريخ اليهود".
قال بصوت اشبه بالهمس: اياك و التنبيش عن هذا.
و لم اتكلم.

التفت لي الجمع. بعد ان عرفوا اني استيقظت.
سألوني و سألوني و سألوني..
و لم اتكلم.

إلا ان عرف "احداهم" أني استيقظت.
فاخذني لحفلة التعذيب الثانية.

لم أعرف هل كانت زنزانة فعلًا.
أم كانت عش العصافير. و عش المخابرات.
لايهم.
فأنا لم اتكلم.

مجرد ,سُقيا معجبون بهذا

-


كيف استطيع تجاوز كُل هذا؟

مجرد ,سُقيا معجبون بهذا

-


أنت لا تفهم يا حسن.
أتظن الأمر سهلًا؟
أين سأدفن السنون التي ضاعت بين ايديهم؟
أربع سنين و يزيد.
ماذا أقول لمن يسألني عنهم؟
ماذا أقول لأولادي اذا سألوني أين كُنت في العشرين من عمرك؟
اوه عفوًا. لن يسألوني. تعرف لماذا؟ لانهم سرقوا اطفالي ايضًا.
سرقوهم كما سرقوا أعوامي. أتظن الامر يقف هنا فقط؟
أتظن ان الحال كما دخلت كما هو كما خرجت؟ هل الطرق نفسها؟
هل المباني نفسها؟ انا لم اعد اعرف وطني يا حسن.
كل الاماكن غريبة. كُل شيء بها مُختلف او ربما أنا اراها مُختلفة.
أتعرف ما حال الشجرة التي كُنت اسقيها في الخفاء؟ لا احد لها.
ماتت و اقتلعوها. ثم بنوا عليها لعبة اطفال.
هل ستغفر لي شجرتي هجري؟ ام تشكوني الى الله.
اتظن انني سعيد هنا. انني حُر طليق؟ لا يا حسن انا لا ازال مُقيد.
لا أزال حبيس اعوامي.
كُنت انفخ بالونة الأمل كُل يوم. كُل يوم.
اقول اني سأتحرر سأخرج. و بعد؟'
زفرة الهواء خارج السجن فقط. تستشنقها و بعد؟
تعمل؟ تدرس؟ تتشتت؟ و كأن كُل ماجرى من عذابات محض لعبة؟
ثم لا خيار لديك لان الحياه تجري و الاعوام المثقوبة لا ترجع.
أسلوب "الشبح أو الكلب" ليس سوى تسلية فقدت فيها ذريتي.
لاخرج يومًا مدركًا ان و سبحان الله لي اخ نتيجة ذنب وحدتي.
وحدتي التي تتحم علي ان اموت وحيدًا. دون شقيق او ابن.
أنا وحيد يا حسن. لك اخٌ غبي جدًا لكنه يقف فوق رأس طبيبك حين تمرض.
يناقشه و يحاججه بتفاصيل المرض هو مزعج لكنه شقيقك.
و اختٌ شفافة رقراقة. يذوب لنعومتها الحرير. تتكأ عليها. تعطيك ادويتك.
و أنا من لي؟
كهلٌ يرعبني مرضه
و امراة بلغت من العمر ماتحتاج ان اعطيها. لا ان اعُطى.
حسن. أن كُنت ستموت. من جراء السجن.
و شهورك المتقطعة به. فأعلم انك ضعيف.
أنت ورقة خفيفة دخلت في مسمار فاهترأت. و لم اعرفك ضعيفا.


أحمد ماسبق | بتصرف.

مجرد ,سُقيا معجبون بهذا

-



لا صوت لي للنداء.
كُسر كُل شيء. و اندثر.
من أنا. من أنتِ؟ نحن لا احد.
غريبين تقاطعا ثم لم يستطع واحدٌ منهما الابتعاد عن الاخر.

،
أنا لا أشتري الأدوية. الموصوفة إليّ. ليس فقط لعدم امتلاكي المال الكافي.
انما. أردتُ ان اشعر اني مُهم. أن يُشترى لي. أردتُ ان اكل كُل يوم بيضًا و طماطم.
أردتُ تدليل. نعم. اردتُ أن اشعر اني مُدلل و ان كأن الأمر يستحق حياتي.
لكن. لا. لا يوجد في "اسرتي" هذا كُله. تجاوز الأمر حد اللامبالاة إلى السخرية.
غير مدركين أن كُل ما أمر به. من سوء. بسببهم.

،

كُل شيء بسبب هذا البيت اللعين.
حين تهتم أمي بالمظهر العام. بالشكل الخارجي. على حسابي. حساب صحتي.
أن اتكدس أنا. مع اخي الاجنبي ابن كندا و انتر كتيكا معي أنا الصحراوي يعني أن اموت كُل يوم.
كُل يوم بردًا. سعالًا. عطيسا. و لا أملك عليه حجة.
فعند البرد يظنون ان الامر يُحل بثلاثة اغطية او اربعة.
غير مدركين انني استيقظ كل يوم بلا غطاء. من فرط الحركة.
و ابقى طول اليوم اسيرًا لهذا الزكام و الصداع و التعب. لا استطيع السيطرة على تركيزي. اتهاوى.

،

هل كان الأمر عاديًا.
أن تناديني بـ " حسين" ؟
و ماذا لو كُنت أنا حُسين؟
و هل لقبتيني بهذا تصغيرًا لاسمي؟ مثلما صغرت محبتي لديكِ؟
أننا نكذب على انفسنا. فـ "حُسينك" هو "ضحيتي" و لا أخفيكِ سرًا
انني ناديتكِ مراراً باسمها. لكنني لم اتكلم.
هل سنستمر بالكذب؟
و لم يزور حسين احلامك دوني؟
بكائكِ و أنتِ تسردين لي "الحلم المُرعب" كما اطلقتِ عليه.
لم يهز بي شيء. زادني حقدًا عليه. كرهًا.
لم تستطيعي النوم. خفتِ من تكراره.
و عند نومك. وصلتني رسالة. من ضحى.

،

ماذا آتى بكِ إلى هنا.
و كيف للذكرى السحيقة ان تلقيكِ و الذهاب بكِ إلى لا اعلم أين.
صوتكِ الرنان يأتي من اقصى البعيد " دائما موجودة ، اي وقت تبي تتكلم لا تتردد"
اضحك. اضحك و كثيرًا. هل كُنا اطفال. نملك وقتنا كثيرًا؟
أم كانت كذبة. ككُل شيء؟
أنا معك. اذن أنا موجود. تعرفين لما.
لانكِ انتِ أنتِ. كُنتِ أنتِ. الأن لا اعرف ماذا حصل بكِ أو لكِ.
هناك شيء يدفعني للحديث إليكِ. لا الحديث عنكِ.
أن اخبركِ انني مقصي. لا أن اخبركِ انني بلا سند.
أتعرفين معنى ان تنظرين بئرًا جافًا طويلا.
و فجاة يختفي هذا البئر.
أريد ان اخبركِ كثيرًا. كثيرًا.
و لا اريد منكِ إلا ان تصغي. مثلما كُنتِ تفعلين. قديمًا.
جائت رسالتك. الأن بـ : "متى فاضي نقدر نتلاقى؟"

مجرد ,سُقيا معجبون بهذا

-



كيف ستكون الحياة دونك يا أحمد؟
قُل لي. يا أجمل ما أهدتني الحياة اياه.
تماسكي الزائف. في وسط الجمع.
سقط امام صدرك. أخي.
بكيت كثيرًا يومها.
و اغرقت قميصك الرمادي بدمعًا أنت في غنى عنه. فسامحني.
" إلى متى ستبقى تبكي"
لا أعرف. لا اعرف.
كان في احتوائك لي. رائحة الصُدق.
كُنت بحاجة لهذا فعلًا.
أنت أصدق الاشياء.
يا رب.
احفظه.

مجرد ,سُقيا معجبون بهذا

-



لا اثق بكِ.
هكذا. جرى الأمر. و هكذا سيجري.
لم تكن لي قوة. ابدًا.
في مواجهة الحياة. بعد هذا الحُزن الذي ايقظ سيلان دموعي.
كُنت أبكي كثيرًا. لم اعرف كيف. "سأمارس حياتي الطبيعية".
و مضيت.
احضر دروسي جسدًا. ينتظر "مزحة ثقيلة" على قلبه. ليبكي.
و هكذا جرى.
تحملتُ طوال السنين. سخافة "رضي" ببتسامة و مجاملة.
إلا أن صمتُ هذا اليوم.
و كان في صمتي توترٌ للفصل كامل.
"مزحة" ككل المزح سببت هدوء. و صمت.
مسكتُ نفسي. تماسكت.
انتهت المحاضرة. تمايل عليّ محسن و باقر و خالد.
حاصروني بـ "مابك؟ مابك؟ مابك؟"
و لا رد سوى غضب قلم اسود على كُل الصفحة.
و من بعيد ارى احمد.
ارتمي اليه. و ابكي. و اخيرًا بكيت.
نازعًا اياكِ مع دمعي.

و كيف اثق بك؟
أنتِ من علمتيني ان هذا العالم مُرعب اكثر مما هو عليه.
نعم. أنا اكرهك.
و قُلتها لكِ. ايضًا.
لان كان العالم جيد. قبلك.

مجرد ,سُقيا معجبون بهذا

-


هل رحمت عصفورًا؟ *

مجرد ,سُقيا معجبون بهذا

،

أن تأتيك ضحى هكذا بلا مقدمات ك مجيئي هذا فلا يعني أن قلبك هذا يتيح لها حرية القُبول ، فبعض الظروف ان لم نستطع التغاضي عنها ، نواجهها ، و بعض الاهتمام الذي ننتظره من الاهل يكلفنا عمرا من الكآبة ليس لانهم اقل من ذلك، بل لان وحشة البيت
و قسوة الحياة اودعتهم تيجانها ، فحري بك ان تعتاد لعنات البيت و سخريتهم ، و ان تنصت لمن أعارك حسن استماعه يوماً بأن تجد نفسك بدونهم ، فلا انتظارك للدفء ولا اهمالك لصحتك و لا الكتابة عن الاوطان ستكسبك صحة و قوة إلاك ..
شاطر نبضك لمن تدلله وتدنو منه ولا تجعل شياطين الاحلام تنثر ضعفك ..
الحياة تمر ولا تنتظر أسى حل بنا كي نتحسن وننتزعه منا فانظر لنفسك و بر بوالدتك و انسى الحنين الذي يغيظ ندى فيجف نداها لاجل ضحى لا تنتظر حلول مساء الا وسلكت معك دروب الاسئلة الساذجة .

أنَا حَسَن ,مجرد معجبون بهذا