تدور مادة: ( ر ح م ) حول معنى الرقَّة، والعطف، والرَّأفة. قال ابن فارس: الرّاء والحاء والميم أصل واحد، يدل على: الرقة والعطف والرأفة. يقال من ذلك: رحمه يرحمه إذا رقَّ له وتعطَّف عليه، والرُّحْم والمرحمة والرَّحمة بمعنًى ([1]).
تعريف الرحمة في الاصطلاح:
يعرفها بعضهم بأنها: إرادة إيصال الخير ([2])، ويعرفها آخرون بأنها: خُلق مركب من الود والجزع. ولا تكون إلا لمن تظهر منه لراحمه خلَّة مكروهة، فالرحمة هي محبة للمرحوم مع جزع من الحال التي من أجلها رُحم ([3]).
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى -: " إن الرحمةَ صفةٌ تقتضي إيصالَ المنافع والمصالح إلى العبد، و إن كرهتْها نفسُه وشقَّت عليها. فهذه هي الرحمة الحقيقية، فأَرحم الناس من شق عليك في إيصال مصالحك ودفع المضار عنك، فمن رحمة الأب بولده: أن يُكرِههُ على التأدُّب بالعلم والعمل، ويشق عليه في ذلك بالضرب وغيره، ويمنعه شهواته التي تعود بضرره، ومتى أهمل ذلك من ولده كان لقلة رحمته به،وإن ظن أنه يرحمه ويرفِّهه ويريحه" ([4]).
قال الكَفَوِيُّ: الرحمة حالة وجدانية تعرض غالباً لمن به رقَّة القلب، وتكون مبدأ للانعطاف النفساني الذي هو مبدأ الإحسان ([5]).
* * *
ملامح " الرحمة " وفوائدها ([6])
• سعةُ رحمة الله تعالى حتى إنها تسع كل شيء.
• لا يستحق رحمة الله تعالى إلا الرَّاحمون الموفَّقون.
• تثمر محبة الله، ومحبة الناس.
• الرحمة في الإسلام عامة وشاملة لا تخص أحدًا دون أحدٍ، ولا نوعاً دون نوعٍ.
• من آثار رحمة الله تعالى إنزال المطر، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب، وغفران الذنوب، والابتلاء بشتى المصائب والعيوب.
• الاجتماع على الحق دليل الرحمة، والافتراق دليل الشقاء.
• الجنة هي دار الرحمة لا يدخلها إلا الراحمون برحمة الله.
• برحمة الله تعالى يوفق العبد لترك المعاصي، ونيل الدرجات.
• التعويل عليها لا على كثرة العمل.
• دليل رقَّة القلب، وسموِّ النفس.
• إشاعة الرحمة بين أفراد المجتمع ترفع من مستواه وتجمع شمله.
• الرحمة تخفِّف التكاليف، وتساعد على التفاعل معها.